باب النهي عن بيع الثمار قبل بدو صلاحها بغير شرط القطع
باب النهي عن بيع الثمار قبل بدو صلاحها بغير شرط القطع
فيه: «عَنْ اِبْن عُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْع الثَّمَر حَتَّى يَبْدُو صَلَاحهَا نَهَى الْبَائِع وَالْمُبْتَاع» وَفِي رِوَايَة: «نَهَى عَنْ بَيْع النَّخْل حَتَّى تَزْهُو وَعَنْ السُّنْبُل حَتَّى يَبْيَضّ وَيَأْمَن الْعَاهَة» وَفِي رِوَايَة: «لَا تَبْتَاعُوا الثَّمَر حَتَّى يَبْدُو صَلَاحه وَتَذْهَب عَنْهُ الْآفَة قَالَ: يَبْدُو صَلَاحه حُمْرَته وَصُفْرَته» وَفِي رِوَايَة: «قِيلَ لِابْنِ عُمَر: مَا صَلَاحه؟ قَالَ: تَذْهَب عَاهَته» وَفِي رِوَايَة: «نَهَى عَنْ بَيْع الثَّمَر حَتَّى يَطِيب» وَفِي رِوَايَة: «نَهَى عَنْ بَيْع النَّخْل حَتَّى يَأْكُل أَوْ يُؤْكَل وَحَتَّى يُوزَن.
فَقُلْت: مَا يُوزَن؟ فَقَالَ رَجُل عِنْده.
يَعْنِي عِنْد اِبْن عَبَّاس: حَتَّى يُحْرَز».
✯✯✯✯✯✯
2827- أَمَّا أَلْفَاظ الْحَدِيث فَمَعْنَى يَبْدُو يَظْهَر وَهُوَ بِلَا هَمْز.
وَمِمَّا يَنْبَغِي أَنْ يُنَبَّه عَلَيْهِ أَنَّهُ يَقَع فِي كَثِير مِنْ كُتُب الْمُحَدِّثِينَ وَغَيْرهمْ: «حَتَّى يَبْدُوَا» بِالْأَلِفِ فِي الْخَطّ وَهُوَ خَطَأ وَالصَّوَاب حَذْفهَا فِي مِثْل هَذَا لِلنَّاصِبِ، وَإِنَّمَا اِخْتَلَفُوا فِي إِثْبَاتهَا إِذَا لَمْ يَكُنْ نَاصِب مِثْل زَيْد يَبْدُو وَالِاخْتِيَار حَذْفهَا أَيْضًا، وَيَقَع مِثْله فِي: «حَتَّى يَزْهُو» وَصَوَابه حَذْف الْأَلِف كَمَا ذُكِرَ.
✯✯✯✯✯✯
2828- قَوْله: «يَزْهُو» هُوَ بِفَتْحِ الْيَاء كَذَا ضَبَطُوهُ وَهُوَ صَحِيح كَمَا سَنَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى.
قَالَ اِبْن الْأَعْرَابِيّ: يُقَال: زَهَا النَّخْل يَزْهُو إِذَا ظَهَرَتْ ثَمَرَته وَأَزْهَى يُزْهَى إِذَا اِحْمَرَّ أَوْ اِصْفَرَّ.
وَقَالَ الْأَصْمَعِيّ: لَا يُقَال فِي النَّخْل: أَزْهَى، إِنَّمَا يُقَال: زَهَا.
وَحَكَاهُمَا أَبُو زَيْد لُغَتَيْنِ.
وَقَالَ الْخَلِيل: أَزْهَى النَّخْل بَدَا صَلَاحه.
وَقَالَ الْخَطَّابِيّ: هَكَذَا يُرْوَى حَتَّى يَزْهُو، قَالَ: وَالصَّوَاب فِي الْعَرَبِيَّة حَتَّى يُزْهَى، وَالْإِزْهَاء فِي الثَّمَر أَنْ يَحْمَرّ أَوْ يَصْفَرّ، وَذَلِكَ عَلَامَة الصَّلَاح فيها وَدَلِيل خَلَاصهَا مِنْ الْآفَة.
قَالَ اِبْن الْأَثِير: مِنْهُمْ مَنْ أَنْكَرَ يُزْهَى، كَمَا أَنَّ مِنْهُمْ مَنْ أَنْكَرَ يَزْهُو.
وَقَالَ الْجَوْهَرِيّ: الزَّهْو بِفَتْحِ الزَّاي، وَأَهْل الْحِجَاز يَقُولُونَ بِضَمِّهَا وَهُوَ الْبُسْر الْمُلَوَّن، يُقَال إِذَا ظَهَرَتْ الْحُمْرَة أَوْ الصُّفْرَة فِي النَّخْل فَقَدْ ظَهَرَ فيه الزَّهْو، وَقَدْ زَهَا النَّخْل زَهْوًا وَأَزْهَى لُغَة.
فَهَذِهِ أَقْوَال أَهْل الْعِلْم فيه وَيَحْصُل مِنْ مَجْمُوعهَا جَوَاز ذَلِكَ كُلّه فَالزِّيَادَة مِنْ الثِّقَة مَقْبُولَة، وَمَنْ نَقَلَ شَيْئًا لَمْ يَعْرِفهُ غَيْره قَبِلْنَاهُ إِذَا كَانَ ثِقَة.
قَوْله: «وَعَنْ السُّنْبُل حَتَّى يَبْيَضّ» مَعْنَاهُ يَشْتَدّ حُبّه وَهُوَ بُدُوّ صَلَاحه.
قَوْله: «وَيَأْمَن الْعَاهَة» هِيَ الْآفَة تُصِيب الزَّرْع أَوْ الثَّمَر وَنَحْوه فَتُفْسِدهُ.
قَوْله: «وَعَنْ السُّنْبُل حَتَّى يَبْيَضّ» فيه دَلِيل لِمَذْهَبِ مَالِك وَالْكُوفِيِّينَ وَأَكْثَر الْعُلَمَاء أَنَّهُ يَجُوز بَيْع السُّنْبُل الْمُشْتَدّ، وَأَمَّا مَذْهَبنَا فَفيه تَفْصِيل؛ فَإِنْ كَانَ السُّنْبُل شَعِيرًا أَوْ ذُرَة أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُمَا مِمَّا تُرَى حَبَّاته جَازَ بَيْعه؛ وَإِنْ كَانَ حِنْطَة وَنَحْوهَا مِمَّا تَسْتُر حَبَّاته بِالْقُشُورِ الَّتِي تُزَال بِالدِّيَاسِ فَفيه قَوْلَانِ لِلشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: الْجَدِيد أَنَّهُ لَا يَصِحّ وَهُوَ أَصَحّ قَوْلَيْهِ، وَالْقَدِيم أَنَّهُ يَصِحّ.
وَأَمَّا قَبْل الِاشْتِدَاد فَلَا يَصِحّ بَيْع الزَّرْع إِلَّا بِشَرْطِ الْقَطْع كَمَا ذَكَرْنَا؛ وَإِذَا بَاعَ الزَّرْع قَبْل الِاشْتِدَاد مَعَ الْأَرْض بِلَا شَرْط جَازَ تَبَعًا لِلْأَرْضِ وَكَذَا الثَّمَر قَبْل بُدُوّ الصَّلَاح إِذَا بِيعَ مَعَ الشَّجَر جَازَ بِلَا شَرْط تَبَعًا وَهَكَذَا حُكْم الْبُقُول فِي الْأَرْض، لَا يَجُوز بَيْعهَا فِي الْأَرْض دُون الْأَرْض إِلَّا بِشَرْطِ الْقَطْع، وَكَذَا لَا يَصِحّ بَيْع الْبِطِّيخ وَنَحْوه قَبْل بُدُوّ صَلَاحه وَفُرُوع الْمَسْأَلَة كَثِيرَة، وَقَدْ نَقَّحْت مَقَاصِدهَا فِي رَوْضَة الطَّالِبِينَ، وَشَرْح الْمُهَذَّب، وَجَمَعْت فيها جُمَلًا مُسْتَكْثَرَات وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيق.
قَوْله: فِي الْحَدِيث: «نَهَى الْبَائِع وَالْمُشْتَرِي» أَمَّا الْبَائِع فَلِأَنَّهُ يُرِيد أَكْل الْمَال بِالْبَاطِلِ وَأَمَّا الْمُشْتَرِي فَلِأَنَّهُ يُوَافِقهُ عَلَى حَرَام وَلِأَنَّهُ يُضَيِّع مَالَهُ وَقَدْ نُهِيَ عَنْ إِضَاعَة الْمَال.
✯✯✯✯✯✯
2829- سبق شرحه بالباب.
✯✯✯✯✯✯
2830- سبق شرحه بالباب.
✯✯✯✯✯✯
2831- قَوْله: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْن يَحْيَى أَخْبَرَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْر عَنْ جَابِر (ح) وَحَدَّثَنَا أَحْمَد بْن يُونُس حَدَّثَنَا زُهَيْر حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيْر عَنْ جَابِر.
فَقَوْله أَوَّلًا: (عَنْ جَابِر) كَانَ يَنْبَغِي لَهُ عَلَى مُقْتَضَى عَادَتْهُ وَقَاعِدَته وَقَاعِدَة غَيْره حَذَفَهُ فِي الطَّرِيق الْأَوَّل وَيَقْتَصِر عَلَى أَبِي الزُّبَيْر لِحُصُولِ الْغَرَض بِهِ، لَكِنَّهُ أَرَادَ زِيَادَة الْبَيَان وَالْإِيضَاح وَقَدْ سَبَقَ بَيَان مِثْل هَذَا غَيْر مَرَّة.
✯✯✯✯✯✯
2832- قَوْله: حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن عُثْمَان النَّوْفَلِيّ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِم (ح) وَحَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن حَاتِم وَاللَّفْظ لَهُ قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْح قَالَ أَنْبَأَنَا زَكَرِيَّا بْن إِسْحَاق حَدَّثَنَا عَمْرو بْن دِينَار.
هَكَذَا يُوجَد فِي النُّسَخ هَذَا وَأَمْثَاله، فَيَنْبَغِي أَنْ يَقْرَأ الْقَارِئ بَعْد رَوْح قَالَا: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا لِأَنَّ أَبَا عَاصِم وَرَوْحًا يَرْوِيَانِ عَنْ زَكَرِيَّا، فَلَوْ قَالَ الْقَارِئ: قَالَ: أَنْبَأَنَا زَكَرِيَّا.
كَانَ خَطَأ لِأَنَّهُ يَكُون مُحَدِّثًا عَنْ رَوْح وَحْده وَتَارِكًا لِطَرِيقِ أَبِي عَاصِم وَمِثْل هَذَا مِمَّا يُغْفَل عَنْهُ فَنَبَّهْت عَلَيْهِ لِيُتَفَطَّن لِأَشْبَاهِهِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكْتُب هَذَا فِي الْكِتَاب فَيُقَال: قَالَا: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاء.
وَإِنْ كَانُوا يَحْذِفُونَ لَفْظه.
قَالَ: إِذَا كَانَ الْمُحَدِّث عَنْهُ وَاحِدًا لِأَنَّهُ لَا يُلْبَس، بِخِلَافِ هَذَا.
فَإِنْ قَالَ قَائِل: يَجُوز أَنْ يُقَال هُنَا: قَالَ: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا.
وَيَكُون الْمُرَاد قَالَ: رَوْح وَيَدُلّ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَالَ وَاللَّفْظ لَهُ.
قُلْنَا: هَذَا مُحْتَمَل.
وَلَكِنَّ الظَّاهِر الْمُخْتَار مَا ذَكَرْنَاهُ أَوَّلًا لِأَنَّهُ أَكْثَر فَائِدَة لِئَلَّا يَكُون تَارِكًا لِرِوَايَةِ أَبِي عَاصِم وَاَللَّه أَعْلَم.
✯✯✯✯✯✯
2833- قَوْله: (عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيّ) وَهُوَ بِفَتْحِ الْبَاء الْمُوَحَّدَة وَإِسْكَان الْخَاء الْمُعْجَمَة وَفَتْح التَّاء الْمُثَنَّاة فَوْق، وَاسْمه سَعِيد بْن عِمْرَان، وَيُقَال: اِبْن أَبِي عِمْرَان.
وَيُقَال: اِبْن فَيْرُوز الْكُوفِيّ الطَّائِيّ مَوْلَاهُمْ.
قَالَ هِلَال بْن حِبَّان: بِالْمُعْجَمَةِ وَبِالْمُوَحَّدَةِ كَانَ مِنْ أَفَاضِل أَهْل الْكُوفَة.
وَقَالَ حَبِيب بْن أَبِي ثَابِت الْإِمَام الْجَلِيل: اِجْتَمَعْت أَنَا وَسَعِيد بْن جُبَيْر وَأَبُو الْبَخْتَرِيّ وَكَانَ أَبُو الْبَخْتَرِيّ أَعْلَمنَا وَأَفْقَهنَا، قُتِلَ بِالْجَمَاجِمِ سَنَة ثَلَاث وَثَمَانِينَ.
وَقَالَ اِبْن مَعِين وَأَبُو حَاتِم وَأَبُو زُرْعَة: ثِقَة.
وَإِنَّمَا ذَكَرْت مَا ذَكَرْت فيه لِأَنَّ الْحَاكِم أَبَا أَحْمَد قَالَ فِي كِتَابه الْأَسْمَاء وَالْكُنَى: إِنَّ أَبَا الْبَخْتَرِيّ هَذَا لَيْسَ قَوِيًّا عِنْدهمْ.
وَلَا يُقْبَل قَوْل الْحَاكِم لِأَنَّهُ جَرْح غَيْر مُفَسِّر، وَالْجَرْح إِذَا لَمْ يُفَسِّر لَا يُقْبَل، وَقَدْ نَصَّ جَمَاعَات عَلَى أَنَّهُ ثِقَة وَقَدْ سَبَقَ بَيَان هَذِهِ الْقَاعِدَة فِي أَوَّل الْكِتَاب وَاَللَّه أَعْلَم.
قَوْله: «سَأَلْت اِبْن عَبَّاس عَنْ بَيْع النَّخْل، فَقَالَ: نَهَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْع النَّخْل حَتَّى يَأْكُل مِنْهُ أَوْ يُؤْكَل مِنْهُ وَحَتَّى تُوزَن.
فَقُلْت: مَا يُوزَن؟ فَقَالَ رَجُل عِنْد حَتَّى يَحْزِر» وَأَمَّا قَوْله: «يَأْكُل أَوْ يُؤْكَل» فَمَعْنَاهُ حَتَّى يَصْلُح لِأَنْ يُؤْكَل فِي الْجُمْلَة، وَلَيْسَ الْمُرَاد كَمَالِ أَكْله بَلْ مَا ذَكَرْنَاهُ، وَذَلِكَ يَكُون عِنْد بُدُوّ الصَّلَاح، وَأَمَّا تَفْسِيره يُوزَن بَيَحْزُرَ فَظَاهِر، لِأَنَّ الْحَزْر طَرِيق إِلَى مَعْرِفَة قَدْره وَكَذَا الْوَزْن، وَقَوْله: «حَتَّى يُحْزَر» وَهُوَ بِتَقْدِيمِ الزَّاي عَلَى الرَّاء أَيْ يُخْرَص.
وَوَقَعَ فِي بَعْض الْأُصُول بِتَقْدِيمِ الرَّاء وَهُوَ تَصْحِيف وَإِنْ كَانَ يُمْكِن تَأْوِيله لَوْ صَحَّ وَاَللَّه أَعْلَم.
وَهَذَا التَّفْسِير عِنْد الْعُلَمَاء أَوْ بَعْضهمْ فِي مَعْنَى الْمُضَاف إِلَى اِبْن عَبَّاس لِأَنَّهُ أَقَرَّ قَائِله عَلَيْهِ وَلَمْ يُنْكِرهُ وَتَقْرِيره كَقَوْلِهِ وَاَللَّه أَعْلَم.
✯✯✯✯✯✯
2834- قَوْله: (عَنْ اِبْن أَبِي نُعْم) هُوَ بِإِسْكَانِ الْعَيْن بِلَا يَاء بَعْدهَا وَاسْمه دُكَيْن بْن الْفُضَيْل، وَشُرُوح مُسْلِم كُلّهَا سَاكِتَة عَنْهُ.
أَمَّا أَحْكَام الْبَاب فَإِنْ بَاعَ الثَّمَرَة قَبْل بُدُوّ صَلَاحهَا بِشَرْطِ الْقَطْع صَحَّ بِالْإِجْمَاعِ، قَالَ أَصْحَابنَا: وَلَوْ شَرَطَ الْقَطْع ثُمَّ لَمْ يَقْطَع فَالْبَيْع صَحِيح وَيَلْزَمهُ الْبَائِع بِالْقَطْعِ، فَإِنْ تَرَاضَيَا عَلَى إِبْقَائِهِ جَازَ وَإِنْ بَاعَهَا بِشَرْطِ التَّبْقِيَة فَالْبَيْع بَاطِل بِالْإِجْمَاعِ، لِأَنَّهُ رُبَّمَا تَلِفَتْ الثَّمَرَة قَبْل إِدْرَاكهَا فَيَكُون الْبَائِع قَدْ أَكَلَ مَال أَخِيهِ بِالْبَاطِلِ كَمَا جَاءَتْ بِهِ الْأَحَادِيث.
وَأَمَّا إِذَا شَرَطَ الْقَطْع فَقَدْ اِنْتَفَى هَذَا الضَّرَر.
وَإِنْ بَاعَهَا مُطْلَقًا بِلَا شَرْط فَمَذْهَبنَا وَمَذْهَب جُمْهُور الْعُلَمَاء أَنَّ الْبَيْع بَاطِل لِإِطْلَاقِ هَذِهِ الْأَحَادِيث، وَإِنَّمَا صَحَّحْنَاهُ بِشَرْطِ الْقَطْع لِلْإِجْمَاعِ فَخَصَّصْنَا الْأَحَادِيث بِالْإِجْمَاعِ فِيمَا إِذَا شُرِطَ الْقَطْع وَلِأَنَّ الْعَادَة فِي الثِّمَار الْإِبْقَاء فَصَارَ كَالْمَشْرُوطِ.
وَأَمَّا إِذَا بِيعَتْ الثَّمَرَة بَعْد بُدُوّ الصَّلَاح فَيَجُوز بَيْعهَا مُطْلَقًا وَبِشَرْطِ الْقَطْع وَبِشَرْطِ التَّبْقِيَة لِمَفْهُومِ هَذِهِ الْأَحَادِيث، وَلِأَنَّ مَا بَعْد الْغَايَة يُخَالِف مَا قَبْلهَا إِذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ جِنْسهَا، وَلِأَنَّ الْغَالِب فيها السَّلَامَة بِخِلَافِ مَا قَبْل الصَّلَاح.
ثُمَّ إِذَا بِيعَتْ بِشَرْطِ التَّبْقِيَة أَوْ مُطْلَقًا يَلْزَم الْبَائِع بِسِقَايَتِهَا إِلَى أَوَان الْجُذَاذ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْعَادَة فيها.
هَذَا مَذْهَبنَا وَبِهِ قَالَ مَالِك.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَة: يَجِب شَرْط الْقَطْع وَاَللَّه أَعْلَم.
باب النهي عن بيع الثمار قبل بدو صلاحها بغير شرط القطع
باب النهي عن بيع الثمار قبل بدو صلاحها بغير شرط القطع