باب النهي ان يسافر بالمصحف الى ارض الكفار اذا خيف وقوعه بايديهم
باب النهي ان يسافر بالمصحف الى ارض الكفار اذا خيف وقوعه بايديهم
3474- قَوْله: «نَهَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُسَافَرَ بِالْقُرْآنِ إِلَى أَرْض الْعَدُوّ» وَفِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى: «مَخَافَة أَنْ يَنَالهُ الْعَدُوّ» وَفِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى: «فَإِنِّي لَا آمَن أَنْ يَنَالهُ الْعَدُوّ» فيه: النَّهْي عَنْ الْمُسَافَرَة بِالْمُصْحَفِ إِلَى أَرْض الْكُفَّار لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَة فِي الْحَدِيث، وَهِيَ خَوْف أَنْ يَنَالُوهُ فَيَنْتَهِكُوا حُرْمَته، فَإِنْ أُمِنَتْ هَذِهِ الْعِلَّة بِأَنْ يَدْخُل فِي جَيْش الْمُسْلِمِينَ الظَّاهِرِينَ عَلَيْهِمْ فَلَا كَرَاهَة وَلَا مَنْع مِنْهُ حِينَئِذٍ لِعَدَمِ الْعِلَّة، هَذَا هُوَ الصَّحِيح، وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَة وَالْبُخَارِيّ وَآخَرُونَ، وَقَالَ مَالِك وَجَمَاعَة مِنْ أَصْحَابنَا بِالنَّهْيِ مُطْلَقًا، وَحَكَى اِبْن الْمُنْذِر عَنْ أَبِي حَنِيفَة الْجَوَاز مُطْلَقًا، وَالصَّحِيح عَنْهُ مَا سَبَقَ، وَهَذِهِ الْعِلَّة الْمَذْكُورَة فِي الْحَدِيث هِيَ مِنْ كَلَام النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَغَلِطَ بَعْض الْمَالِكِيَّة فَزَعَمَ أَنَّهَا مِنْ كَلَام مَالِك، وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاء عَلَى أَنَّهُ يَجُوز أَنْ يَكْتُب إِلَيْهِمْ كِتَاب فيه آيَة أَوْ آيَات، وَالْحُجَّة فيه كِتَاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى هِرَقْل، قَالَ الْقَاضِي: وَكَرِهَ مَالِك وَغَيْره مُعَامَلَة الْكُفَّار بِالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِير الَّتِي فيها اِسْم اللَّه تَعَالَى وَذِكْره سُبْحَانه وَتَعَالَى.
✯✯✯✯✯✯
3475- سبق شرحه بالباب.
✯✯✯✯✯✯
وَفيه: جَوَاز الْمُسَابَقَة بَيْن الْخَيْل وَجَوَاز تَضْمِيرهَا، وَهُمَا مُجْمَع عَلَيْهِمَا لِلْمَصْلَحَةِ فِي ذَلِكَ وَتَدْرِيب الْخَيْل وَرِيَاضَتهَا وَتَمَرُّنهَا عَلَى الْجَرْي، وَإِعْدَادهَا لِذَلِكَ لِيُنْتَفَعَ بِهَا عِنْد الْحَاجَة فِي الْقِتَال كَرًّا وَفَرًّا.
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي أَنَّ الْمُسَابَقَة بَيْنهمَا مُبَاحَة أَمْ مُسْتَحَبَّة؟ وَمَذْهَب أَصْحَابنَا أَنَّهَا مُسْتَحَبَّة لِمَا ذَكَرْنَاهُ، وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاء عَلَى جَوَاز الْمُسَابَقَة بِغَيْرِ عِوَض بَيْن جَمِيع أَنْوَاع الْخَيْل قَوِيّهَا مَعَ ضَعِيفهَا، وَسَابِقهَا مَعَ غَيْره، سَوَاء كَانَ مَعَهَا ثَالِث أَمْ لَا.
فَأَمَّا الْمُسَابَقَة بِعِوَض فَجَائِزَة بِالْإِجْمَاعِ، لَكِنْ يُشْتَرَط أَنْ يَكُون الْعِوَض مِنْ غَيْر الْمُتَسَابِقَيْنِ، أَوْ يَكُون بَيْنَهُمَا وَيَكُون مَعَهُمَا مُحَلِّل وَهُوَ ثَالِث عَلَى فَرَس مُكَافِئ لِفَرَسَيْهِمَا، وَلَا يُخْرِج الْمُحَلِّل مِنْ عِنْده شَيْئًا لِيَخْرُجَ هَذَا الْعَقْد عَنْ صُورَة الْقِمَار، وَلَيْسَ فِي هَذَا الْحَدِيث ذِكْر عِوَض فِي الْمُسَابَقَة.
✯✯✯✯✯✯
3477- قَوْله: «سَابَقَ بِالْخَيْلِ الَّتِي أُضْمِرَتْ» يُقَال: أُضْمِرَتْ وَضُمِّرَتْ، وَهُوَ أَنْ يُقَلَّل عَلَفهَا مُدَّة، وَتُدْخَل بَيْتًا كَنِينًا، وَتُجَلَّل فيه لِتَعْرَقَ وَيَجِفّ عَرَقهَا فَيَجِفّ لَحْمهَا وَتَقْوَى عَلَى الْجَرْي.
قَوْله: «مِنْ الْحَفْيَاءِ إِلَى ثَنِيَّة الْوَدَاع» هِيَ بِحَاءٍ مُهْمَلَة وَفَاء سَاكِنَة وَبِالْمَدِّ وَالْقَصْر، حَكَاهُمَا الْقَاضِي وَآخَرُونَ الْقَصْر أَشْهَر وَالْحَاء مَفْتُوحَة بِلَا خِلَاف، وَقَالَ صَاحِب الْمَطَالِع: وَضَبَطَهُ بَعْضهمْ بِضَمِّهَا، قَالَ: وَهُوَ خَطَأ، قَالَ الْحَازِمِيُّ فِي الْمُؤْتَلِف وَيُقَال فيها أَيْضًا: الْحَيْفَاء بِتَقْدِيمِ الْيَاء عَلَى الْفَاء وَالْمَشْهُور الْمَعْرُوف فِي كُتُب الْحَدِيث وَغَيْرهَا الْحَفْيَاء.
قَالَ سُفْيَان بْن عُيَيْنَةَ: بَيْن ثَنِيَّة الْوَدَاع وَالْحَفْيَاء: خَمْسَة أَمْيَال أَوْ سِتَّة، وَقَالَ مُوسَى بْن عُقْبَةَ سِتَّة أَوْ سَبْعَة.
وَأَمَّا ثَنِيَّة الْوَدَاع فَهِيَ عِنْد الْمَدِينَة، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْخَارِج مِنْ الْمَدِينَة يَمْشِي مَعَهُ الْمُوَدِّعُونَ إِلَيْهَا.
قَوْله: «مَسْجِد بَنِي زُرَيْق» بِتَقْدِيمِ الزَّاي.
وَفيه: دَلِيل لِجَوَازِ قَوْل: مَسْجِد فُلَان، وَمَسْجِد بَنِي فُلَان، وَقَدْ تَرْجَمَ لَهُ الْبُخَارِيّ بِهَذِهِ التَّرْجَمَة، وَهَذِهِ الْإِضَافَة لِلتَّعْرِيفِ.
قَوْله: (وَحَدَّثَنِي زُهَيْر بْن حَرْب حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل عَنْ أَيُّوب عَنْ نَافِع عَنْ اِبْن عُمَر) هَكَذَا هُوَ فِي جَمِيع النُّسَخ، قَالَ أَبُو عَلِيّ الْغَسَّانِيّ: وَذَكَرَهُ أَبُو مَسْعُود الدِّمَشْقِيّ عَنْ مُسْلِم عَنْ زُهَيْر بْن حَرْب عَنْ إِسْمَاعِيل بْن عُلَيَّة عَنْ أَيُّوب عَنْ اِبْن نَافِع عَنْ نَافِع عَنْ اِبْن عُمَر، فَزَادَ: اِبْن نَافِع، قَالَ: وَاَلَّذِي قَالَهُ أَبُو مَسْعُود مَحْفُوظ عَنْ الْجَمَاعَة مِنْ أَصْحَاب اِبْن عُلَيَّة، قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي كِتَاب الْعِلَل فِي هَذَا الْحَدِيث يَرْوِيه أَحْمَد بْن حَنْبَل وَعَلِيّ بْن الْمَدِينِيّ وَدَاوُدُ عَنْ اِبْن عُلَيَّة عَنْ أَيُّوب عَنْ اِبْن نَافِع عَنْ نَافِع عَنْ اِبْن عُمَر، وَهَذَا شَاهِد لِمَا ذَكَرَهُ أَبُو مَسْعُود، وَرَوَاهُ جَمَاعَة عَنْ زُهَيْر عَنْ اِبْن عُلَيَّة عَنْ أَيُّوب عَنْ نَافِع كَمَا رَوَاهُ مُسْلِم مِنْ غَيْر ذِكْر اِبْن نَافِع.
قَوْله: (عَنْ اِبْن عُمَر فَجِئْت سَابِقًا فَطَفَّفَ بِي الْفَرَس الْمَسْجِد) أَيْ: عَلَا وَوَثَبَ إِلَى الْمَسْجِد، وَكَانَ جِدَاره قَصِيرًا، وَهَذَا بَعْد مُجَاوَزَته الْغَايَة؛ لِأَنَّ الْغَايَة هِيَ الْمَسْجِد، وَهُوَ مَسْجِد بَنِي زُرَيْق.
وَاَللَّه أَعْلَم.
باب النهي ان يسافر بالمصحف الى ارض الكفار اذا خيف وقوعه بايديهم
۞۞۞۞۞۞۞۞
كتاب الإمارة ﴿ 22 ﴾
۞۞۞۞۞۞۞۞