باب تحريم هدايا العمال
باب تحريم هدايا العمال
3413- قَوْله: «اِسْتَعْمَلَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا مِنْ الْأَسْد يُقَال لَهُ اِبْن اللُّتْبِيَّة» أَمَّا (الْأَسْد) فَبِإِسْكَانِ السِّين وَيُقَال لَهُ: (الْأَزْدِيُّ) مِنْ أَزْد شَنُوءَة، وَيُقَال لَهُمْ: الْأَزْد وَالْأَسْد، وَقَدْ ذَكَرَهُ مُسْلِم فِي الرِّوَايَة الثَّانِيَة.
أَمَّا (اللُّتْبِيَّة) فَبِضَمِّ اللَّام وَإِسْكَان التَّاء، وَمِنْهُمْ مَنْ فَتَحَهَا، قَالُوا: وَهُوَ خَطَأ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُول: بِفَتْحِهَا، وَكَذَا وَقَعَ فِي مُسْلِم فِي رِوَايَة أَبِي كُرَيْبٍ الْمَذْكُورَة بَعْد هَذَا، قَالُوا: وَهُوَ خَطَأ أَيْضًا، وَالصَّوَاب (اللُّتْبِيَّة) بِإِسْكَانِهَا نِسْبَة إِلَى بَنِي لُتْب، قَبِيلَة مَعْرُوفَة، وَاسْم اِبْن اللُّتْبِيَّة هَذَا: عَبْد اللَّه.
وَفِي هَذَا الْحَدِيث: بَيَان أَنَّ هَدَايَا الْعُمَّال حَرَام وَغُلُول؛ لِأَنَّهُ خَانَ فِي وِلَايَته وَأَمَانَته، وَلِهَذَا ذَكَرَ فِي الْحَدِيث فِي عُقُوبَته وَحَمْله مَا أُهْدِيَ إِلَيْهِ يَوْم الْقِيَامَة، كَمَا ذَكَرَ مِثْله فِي الْغَالّ، وَقَدْ بَيَّنَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نَفْس الْحَدِيث السَّبَب فِي تَحْرِيم الْهَدِيَّة عَلَيْهِ، وَأَنَّهَا بِسَبَبِ الْوِلَايَة، بِخِلَافِ الْهَدِيَّة لِغَيْرِ الْعَامِل، فَإِنَّهَا مُسْتَحَبَّة، وَقَدْ سَبَقَ بَيَان حُكْم مَا يَقْبِضهُ الْعَامِل وَنَحْوه بِاسْمِ الْهَدِيَّة، وَأَنَّهُ يَرُدّهُ إِلَى مُهْدِيه، فَإِنْ تَعَذَّرَ فَإِلَى بَيْت الْمَال.
قَوْله: «ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى رَأَيْنَا عُفْرَتَيْ إِبِطَيْهِ» هِيَ بِضَمِّ الْعَيْن الْمُهْمَلَة وَفَتْحهَا وَالْفَاء سَاكِنَة فيهمَا، وَمِمَّنْ ذَكَرَ اللُّغَتَيْنِ فِي الْعَيْن الْقَاضِي هُنَا وَفِي الْمَشَارِق وَصَاحِب الْمَطَالِع، وَالْأَشْهَر الضَّمّ، قَالَ الْأَصْمَعِيّ وَآخَرُونَ عُفْرَة الْإِبِط هِيَ الْبَيَاض لَيْسَ بِالنَّاصِعِ، بَلْ فيه شَيْء كَلَوْنِ الْأَرْض، قَالُوا: وَهُوَ مَأْخُوذ مِنْ عَفَر الْأَرْض بِفَتْحِ الْعَيْن، وَالْفَاء وَهُوَ: وَجْهُهَا.
✯✯✯✯✯✯
3414- قَوْله: «فَلَمَّا جَاءَ حَاسَبَهُ» فيه مُحَاسَبَة الْعُمَّال لِيُعْلَمَ مَا قَبَضُوهُ وَمَا صَرَفُوا.
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَلَأَعْرِفَنَّ أَحَدًا مِنْكُمْ لَقِيَ اللَّه يَحْمِل بَعِيرًا» هَكَذَا هُوَ بَعْض النُّسَخ (فَلَأَعْرِفَنَّ)، وَفِي بَعْضهَا (لَا أَعْرِفَنَّ) بِالْأَلِفِ عَلَى النَّفْي، قَالَ الْقَاضِي: هَذَا أَشْهَر، قَالَ: وَالْأَوَّل هُوَ رِوَايَة أَكْثَر رُوَاة صَحِيح مُسْلِم.
قَوْله: «بَصَر عَيْنِي وَسَمْع أُذُنِي» مَعْنَاهُ: أَعْلَم هَذَا الْكَلَام يَقِينًا وَأَبْصَرَتْ عَيْنِي النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِين تَكَلَّمَ بِهِ، وَسَمِعَتْهُ أُذُنِي، فَلَا شَكّ فِي عِلْمِي بِهِ.
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَاَللَّه الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ» فيه: تَوْكِيد الْيَمِين بِذِكْرِ اِسْمَيْنِ أَوْ أَكْثَر مِنْ أَسْمَاء اللَّه تَعَالَى.
قَوْله: «وَسَلُوا زَيْد بْن ثَابِت فَإِنَّهُ كَانَ حَاضِرًا مَعِي» فيه: اِسْتِشْهَاد الرَّاوِي وَالْقَائِل بِقَوْلِ مَنْ يُوَافِقهُ؛ لِيَكُونَ أَوْقَع فِي نَفْس السَّامِع، وَأَبْلَغ فِي طُمَأْنِينَته.
قَوْله: (وَحَدَّثَنَا إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم حَدَّثَنَا جَرِير عَنْ الشَّيْبَانِيّ عَنْ عَبْد اللَّه بْن ذَكْوَانَ عَنْ عُرْوَة بْن الزُّبَيْر أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اِسْتَعْمَلَ رَجُلًا عَلَى الصَّدَقَة إِلَى قَوْله: قَالَ عُرْوَة: فَقُلْت لِأَبِي حُمَيْدٍ: أَسَمِعْته مِنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟.
فَقَالَ: مِنْ فيه إِلَى أُذُنِي) هَكَذَا هُوَ فِي أَكْثَر النُّسَخ (عَنْ عُرْوَة أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) وَلَمْ يَذْكُر (أَبَا حُمَيْدٍ) وَكَذَا نَقَلَهُ الْقَاضِي هُنَا عَنْ رِوَايَة الْجُمْهُور، وَوَقَعَ فِي جَمَاعَة مِنْ النُّسَخ (عَنْ عُرْوَة بْن الزُّبَيْر عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ) وَهَذَا وَاضِح، وَأَمَّا الْأَوَّل فَهُوَ مُتَّصِل أَيْضًا؛ لِقَوْلِهِ: (قَالَ عُرْوَة: فَقُلْت لِأَبِي حُمَيْدٍ: أَسَمِعْته مِنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَ مِنْ فيه إِلَى أُذُنِي) فَهَذَا تَصْرِيح مِنْ عُرْوَة بِأَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْ أَبِي حُمَيْدٍ، فَاتَّصَلَ الْحَدِيث، وَمَعَ هَذَا فَهُوَ مُتَّصِل بِالطُّرُقِ الْكَثِيرَة السَّابِقَة.
قَوْله: (فَجَاءَ بِسَوَادٍ كَثِير) أَيْ بِأَشْيَاء كَثِيرَة وَأَشْخَاص بَارِزَة مِنْ حَيَوَان وَغَيْره، وَالسَّوَاد: يَقَع عَلَى كُلّ شَخْص.
✯✯✯✯✯✯
3415- قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَتَمَنَا مِخْيَطًا» هُوَ بِكَسْرِ الْمِيم وَإِسْكَان الْخَاء، وَهُوَ الْإِبْرَةُ.
قَوْله: (عَدِيّ بْن عَمِيرَة) بِفَتْحِ الْعَيْن، قَالَ الْقَاضِي: وَلَا يُعْرَف مِنْ الرِّجَال أَحَد يُقَال لَهُ عُمَيْرَة بِالضَّمِّ؛ بَلْ كُلّهمْ بِالْفَتْحِ.
وَوَقَعَ فِي النَّسَائِيِّ الْأَمْرَانِ.
باب تحريم هدايا العمال
۞۞۞۞۞۞۞۞
كتاب الإمارة ﴿ 7 ﴾
۞۞۞۞۞۞۞۞