باب تحريم وطء الحامل المسبية
باب تحريم وطء الحامل المسبية
2611- قَوْله (عَنْ يَزِيد بْن خُمَيْر) هُوَ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة.
قَوْله: «أَتَى بِامْرَأَةٍ مُجِحّ عَلَى بَاب فُسْطَاط» الْمُجِحّ بِمِيمٍ مَضْمُومَة ثُمَّ جِيم مَكْسُورَة ثُمَّ حَاء مُهْمَلَة وَهِيَ الْحَامِل الَّتِي قَرُبَتْ وِلَادَتهَا، وَفِي (الْفُسْطَاط) سِتّ لُغَات فُسْطَاط وَفُسْتَاط وَفُسَّاط.
بِحَذْفِ الطَّاء وَالتَّاء لَكِنْ بِتَشْدِيدِ السِّين وَبِضَمِّ الْفَاء وَكَسْرهَا فِي الثَّلَاثَة وَهُوَ نَحْو بَيْت الشِّعْر.
قَوْله: «أَتَى بِامْرَأَةٍ مُجِحٍّ عَلَى بَاب فُسْطَاط فَقَالَ: لَعَلَّهُ يُرِيد أَنْ يُلِمّ بِهَا؟ فَقَالُوا: نَعَمْ.
فَقَالَ: لَقَدْ هَمَمْت أَنْ أَلْعَنَهُ لَعْنًا يَدْخُل مَعَهُ قَبْره كَيْف يُوَرِّثهُ وَهُوَ لَا يَحِلّ لَهُ كَيْف يَسْتَخْدِمهُ وَهُوَ لَا يَحِلّ لَهُ».
مَعْنَى: «يُلِمّ بِهَا» أَيْ يَطَأهَا وَكَانَتْ حَامِلًا مَسْبِيَّة لَا يَحِلّ جِمَاعهَا حَتَّى تَضَع.
وَأَمَّا قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَيْف يُوَرِّثهُ وَهُوَ لَا يَحِلّ لَهُ كَيْف يَسْتَخْدِمهُ وَهُوَ لَا يَحِلّ لَهُ».
فَمَعْنَاهُ أَنَّهُ قَدْ تَتَأَخَّر وِلَادَتهَا سِتَّة أَشْهُر حَيْثُ يُحْتَمَل كَوْن الْوَلَد مِنْ هَذَا السَّابِي وَيُحْتَمَل أَنَّهُ كَانَ مِمَّنْ قَبْله.
فَعَلَى تَقْدِير كَوْنه مِنْ السَّابِي يَكُون وَلَدًا لَهُ وَيَتَوَارَثَانِ، وَعَلَى تَقْدِير كَوْنه مِنْ غَيْر السَّابِي لَا يَتَوَارَثَانِ هُوَ وَلَا السَّابِي لِعَدَمِ الْقَرَابَة بَلْ لَهُ اِسْتِخْدَامه لِأَنَّهُ مَمْلُوكه.
فَتَقْدِير الْحَدِيث أَنَّهُ قَدْ يَسْتَلْحِقهُ وَيَجْعَلهُ اِبْنًا لَهُ وَيُوَرِّثهُ مَعَ أَنَّهُ لَا يَحِلّ لَهُ تَوْرِيثه لِكَوْنِهِ لَيْسَ مِنْهُ وَلَا يَحِلّ تَوَارُثه وَمُزَاحَمَته لِبَاقِي الْوَرَثَة، وَقَدْ يَسْتَخْدِمهُ اِسْتِخْدَام الْعَبِيد وَيَجْعَلهُ عَبْدًا يَتَمَلَّكهُ مَعَ أَنَّهُ لَا يَحِلّ لَهُ ذَلِكَ لِكَوْنِهِ مِنْهُ إِذَا وَضَعَتْهُ لِمُدَّةٍ مُحْتَمِلَة كَوْنه مِنْ كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا، فَيَجِب عَلَيْهِ الِامْتِنَاع مِنْ وَطْئِهَا خَوْفًا مِنْ هَذَا الْمَحْظُور فَهَذَا هُوَ الظَّاهِر فِي مَعْنَى الْحَدِيث.
وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاض: مَعْنَاهُ الْإِشَارَة إِلَى أَنَّهُ قَدْ يُنَمَّى هَذَا الْجَنِين بِنُطْفَةِ هَذَا السَّابِي فَيَصِير مُشَارِكًا فيه فَيَمْتَنِع الِاسْتِخْدَام.
قَالَ: وَهُوَ نَظِير الْحَدِيث الْآخَر: «مَنْ كَانَ يُؤْمِن بِاَللَّهِ وَالْيَوْم الْآخِر فَلَا يَسْقِ مَاءَهُ وَلَد غَيْره».
هَذَا كَلَام الْقَاضِي وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ ضَعِيف أَوْ بَاطِل وَكَيْف يَنْتَظِم التَّوْرِيث مَعَ هَذَا التَّأْوِيل؟ بَلْ الصَّوَاب مَا قَدَّمْنَاهُ وَاَللَّه أَعْلَم.
باب تحريم وطء الحامل المسبية