باب قدر الطريق اذا اختلفوا فيه
باب قدر الطريق اذا اختلفوا فيه
3026- قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا اِخْتَلَفْتُمْ فِي الطَّرِيق جُعِلَ عَرْضُهُ سَبْع أَذْرُع» هَكَذَا هُوَ فِي أَكْثَر النُّسَخ: «سَبْع أَذْرُع»، وَفِي بَعْضهَا: «سَبْعَة أَذْرُع» وَهُمَا صَحِيحَانِ، وَالذِّرَاع يُذَكَّر وَيُؤَنَّث، وَالتَّأْنِيث أَفْصَح، وَأَمَّا قَدْر الطَّرِيق فَإِنْ جَعَلَ الرَّجُل بَعْض أَرْضه الْمَمْلُوك طَرِيقًا مُسَبَّلَة لِلْمَارِّينَ فَقَدْرهَا إِلَى خِيرَته، وَالْأَفْضَل تَوْسِيعهَا، وَلَيْسَتْ هَذِهِ الصُّورَة مُرَادَة الْحَدِيث، وَإِنْ كَانَ الطَّرِيق بَيْن أَرْض لِقَوْمٍ وَأَرَادُوا إِحْيَاءَهَا، فَإِنْ اِتَّفَقُوا عَلَى شَيْء فَذَاكَ، وَإِنْ اِخْتَلَفُوا فِي قَدْره جُعِلَ سَبْع أَذْرُع، وَهَذَا مُرَاد الْحَدِيث، أَمَّا إِذَا وَجَدْنَا طَرِيقًا مَسْلُوكًا وَهُوَ أَكْثَر مِنْ سَبْعَة أَذْرُع، فَلَا يَجُوز لِأَحَدٍ أَنْ يَسْتَوْلِي عَلَى شَيْء مِنْهُ وَإِنْ قَلَّ، لَكِنْ لَهُ عِمَارَة مَا حَوَالَيْهِ مِنْ الْمَوَات، وَيَمْلِكهُ بِالْإِحْيَاءِ، بِحَيْثُ لَا يَضُرّ الْمَارِّينَ، قَالَ أَصْحَابنَا: وَمَتَى وَجَدْنَا جَادَّة مُسْتَطْرَقَة، وَمَسْلَكًا مَشْرُوعًا نَافِذًا، حَكَمَنَا بِاسْتِحْقَاقِ الِاسْتِطْرَاق فيه بِظَاهِرِ الْحَال، وَلَا يُعْتَبَر مُبْتَدَأ مَصِيره شَارِعًا، قَالَ إِمَام الْحَرَمَيْنِ وَغَيْره: وَلَا يَحْتَاج مَا يَجْعَلهُ شَارِعًا إِلَى لَفْظ فِي مَصِيره شَارِعًا وَمُسَبَّلًا.
هَذَا مَا ذَكَرَهُ أَصْحَابنَا فِيمَا يَتَعَلَّق بِهَذَا الْحَدِيث، وَقَالَ آخَرُونَ: هَذَا فِي الْأَفْنِيَة إِذَا أَرَادَ أَهْلهَا الْبُنْيَان، فَيُجْعَل طَرِيقهمْ عَرْضه سَبْعَة أَذْرُع لِدُخُولِ الْأَحْمَال وَالْأَثْقَال وَمَخْرَجهَا وَتَلَاقِيهَا.
قَالَ الْقَاضِي: هَذَا كُلّه عِنْد الِاخْتِلَاف كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْحَدِيث، فَإِذَا اِتَّفَقَ أَهْل الْأَرْض عَلَى قِسْمَتهَا، وَإِخْرَاج طَرِيق مِنْهَا كَيْف شَاءُوا فَلَهُمْ ذَلِكَ، وَلَا اِعْتِرَاض عَلَيْهِمْ، لِأَنَّهَا مِلْكهمْ، وَاللَّهُ أَعْلَم بِالصَّوَابِ، وَإِلَيْهِ الْمَرْجِع وَالْمَآب.
باب قدر الطريق اذا اختلفوا فيه
باب قدر الطريق اذا اختلفوا فيه