📁 آخر الأخبار

باب تحريم الخلوة بالاجنبية والدخول عليها

 

 باب تحريم الخلوة بالاجنبية والدخول عليها

 باب تحريم الخلوة بالاجنبية والدخول عليها


4036- قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَبِيتَنَّ رَجُل عِنْد اِمْرَأَة ثَيِّب إِلَّا أَنْ يَكُون نَاكِحًا أَوْ ذَا مَحْرَم» هَكَذَا هُوَ فِي نُسَخ بِلَادنَا: (إِلَّا أَنْ يَكُون) بِالْيَاءِ الْمُثَنَّاة مِنْ تَحْت، أَيْ يَكُون الدَّاخِل زَوْجًا أَوْ ذَا مَحْرَم.

 وَذَكَرَهُ الْقَاضِي فَقَالَ: «إِلَّا أَنْ تَكُون نَاكِحًا أَوْ ذَات مَحْرَم» بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاة فَوْق، وَقَالَ: (ذَات) بَدَل (ذَا).

قَالَ: وَالْمُرَاد بِالنَّاكِحِ الْمَرْأَة الْمُزَوَّجَة وَزَوْجهَا حَاضِر، فَيَكُون مَبِيت الْغَرِيب فِي بَيْتهَا.

 بِحَضْرَةِ زَوْجهَا، وَهَذِهِ الرِّوَايَة الَّتِي اِقْتَصَرَ عَلَيْهَا وَالتَّفْسِير غَرِيبَانِ مَرْدُودَانِ، وَالصَّوَاب الرِّوَايَة الْأُولَى الَّتِي ذَكَرْتهَا عَنْ نُسَخ بِلَادنَا، وَمَعْنَاهُ لَا يَبِيتَنَّ رَجُل عِنْد اِمْرَأَة إِلَّا زَوْجهَا أَوْ مَحْرَم لَهَا.

قَالَ الْعُلَمَاء: إِنَّمَا خُصَّ الثَّيِّب لِكَوْنِهَا الَّتِي يَدْخُل إِلَيْهَا غَالِبًا، وَأَمَّا الْبِكْر فَمَصُونَة مُتَصَوِّنَة فِي الْعَادَة مُجَانِبَة لِلرِّجَالِ أَشَدّ مُجَانَبَة، فَلَمْ يَحْتَجْ إِلَى ذِكْرهَا، وَلِأَنَّهُ مِنْ بَاب التَّنْبِيه، لِأَنَّهُ إِذَا نُهِيَ عَنْ الثَّيِّب الَّتِي يَتَسَاهَل النَّاس فِي الدُّخُول عَلَيْهَا فِي الْعَادَة، فَالْبِكْر أَوْلَى وَفِي هَذَا الْحَدِيث وَالْأَحَادِيث بَعْده تَحْرِيم الْخَلْوَة بِالْأَجْنَبِيَّةِ، وَإِبَاحَة الْخَلْوَة بِمَحَارِمِهَا، وَهَذَانِ الْأَمْرَانِ مُجْمَع عَلَيْهِمَا، وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ الْمُحْرِم هُوَ كُلّ مَنْ حَرُمَ عَلَيْهِ نِكَاحهَا عَلَى التَّأْبِيد لِسَبَبِ مُبَاح لِحُرْمَتِهَا.

 فَقَوْلنَا: (عَلَى التَّأْبِيد) اِحْتِرَاز مِنْ أُخْت اِمْرَأَته وَعَمَّتهَا وَخَالَتهَا وَنَحْوهنَّ، وَمِنْ بِنْتهَا قَبْل الدُّخُول بِالْأُمِّ.

 وَقَوْلنَا: (لِسَبَبٍ مُبَاح) اِحْتِرَاز مِنْ أُمّ الْمَوْطُوءَة بِشُبْهَةٍ وَبِنْتهَا فَإِنَّهُ حَرَام عَلَى التَّأْبِيد، لَكِنْ لَا لِسَبَبٍ مُبَاح، فَإِنَّ وَطْء الشُّبْهَة لَا يُوصَف بِأَنَّهُ مُبَاح، وَلَا مُحَرَّم، وَلَا بِغَيْرِهِمَا مِنْ أَحْكَام الشَّرْع الْخَمْسَة؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِعْل مُكَلَّف.

 وَقَوْلنَا: (لِحُرْمَتِهَا) اِحْتِرَاز مِنْ الْمُلَاعَنَة فَهِيَ حَرَام عَلَى التَّأْبِيد لَا لِحُرْمَتِهَا بَلْ تَغْلِيظًا عَلَيْهِمَا.

 وَاللَّهُ أَعْلَم.

✯✯✯✯✯✯

‏4037- قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْحَمو الْمَوْت» قَالَ اللَّيْث بْن سَعْد: الْحَمو أَخُو الزَّوْج، وَمَا أَشْبَهَهُ مِنْ أَقَارِب الزَّوْج: اِبْن الْعَمّ وَنَحْوه.

 اِتَّفَقَ أَهْل اللُّغَة عَلَى أَنَّ الْأَحْمَاء أَقَارِب زَوْج الْمَرْأَة كَأَبِيهِ، وَأَخِيهِ، وَابْن أَخِيهِ، وَابْن عَمّه، وَنَحْوهمْ.

 وَالْأُخْتَانِ أَقَارِب زَوْجَة الرَّجُل.

 وَالْأَصْهَار يَقَع عَلَى النَّوْعَيْنِ.

وَأَمَّا قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْحَمو الْمَوْت» فَمَعْنَاهُ أَنَّ الْخَوْف مِنْهُ أَكْثَر مِنْ غَيْره، وَالشَّرّ يُتَوَقَّع مِنْهُ، وَالْفِتْنَة أَكْثَر لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْوُصُول إِلَى الْمَرْأَة وَالْخَلْوَة مِنْ غَيْر أَنْ يُنْكِر عَلَيْهِ، بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيّ.

 وَالْمُرَاد بِالْحَمْوِ هُنَا أَقَارِب الزَّوْج غَيْر آبَائِهِ وَأَبْنَائِهِ.

 فَأَمَّا الْآبَاء وَالْأَبْنَاء فَمَحَارِم لِزَوْجَتِهِ تَجُوز لَهُمْ الْخَلْوَة بِهَا، وَلَا يُوصَفُونَ بِالْمَوْتِ، وَإِنَّمَا الْمُرَاد الْأَخ، وَابْن الْأَخ، وَالْعَمّ، وَابْنه، وَنَحْوهمْ مِمَّنْ لَيْسَ بِمَحْرَمٍ.

 وَعَادَة النَّاس الْمُسَاهَلَة فيه، وَيَخْلُو بِامْرَأَةِ أَخِيهِ، فَهَذَا هُوَ الْمَوْت، وَهُوَ أَوْلَى بِالْمَنْعِ مِنْ الْأَجْنَبِيّ لِمَا ذَكَرْنَاهُ.

 فَهَذَا الَّذِي ذَكَرْته هُوَ صَوَاب مَعْنَى الْحَدِيث.

وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ الْمَازِرِيّ، وَحَكَاهُ أَنَّ الْمُرَاد بِالْحَمْوِ أَبُو الزَّوْج، وَقَالَ: إِذَا نُهِيَ عَنْ أَبِي الزَّوْج، وَهُوَ مَحْرَم، فَكَيْف بِالْغَرِيبِ؟ فَهَذَا كَلَام فَاسِد مَرْدُود، وَلَا يَجُوز حَمْل الْحَدِيث عَلَيْهِ فَكَذَا مَا نَقَلَهُ الْقَاضِي عَنْ أَبِي عُبَيْد أَنَّ مَعْنَى الْحَمو الْمَوْت فَلْيَمُتْ وَلَا يَفْعَل هَذَا هُوَ أَيْضًا كَلَام فَاسِد، بَلْ الصَّوَاب مَا قَدَّمْنَاهُ.

وَقَالَ اِبْن الْأَعْرَابِيّ: هِيَ كَلِمَة تَقُولهَا الْعَرَب، كَمَا يُقَال: الْأَسَد الْمَوْت، أَيْ لِقَاؤُهُ مِثْل الْمَوْت.

وَقَالَ الْقَاضِي: مَعْنَاهُ الْخَلْوَة بِالْأَحْمَاءِ مُؤَدِّيَة إِلَى الْفِتْنَة وَالْهَلَاك فِي الدِّين، فَجَعَلَهُ كَهَلَاكِ الْمَوْت، فَوَرَدَ الْكَلَام مَوْرِد التَّغْلِيظ.

قَالَ: وَفِي الْحَمّ أَرْبَع لُغَات إِحْدَاهَا هَذَا حَمُوك بِضَمِّ الْمِيم فِي الرَّفْع، وَرَأَيْت حَمَاك، وَمَرَرْت بِحَمِيك وَالثَّانِيَة هَذَا حَمْؤُك بِإِسْكَانِ الْمِيم وَهَمْزَة مَرْفُوعَة، وَرَأَيْت حَمْأَك، وَمَرَرْت بِحَمْئِك.

 وَالثَّالِثَة حَمَا هَذَا حَمَاك وَرَأَيْت حَمَاك وَمَرَرْت بِحَمَاك كَقَفَا وَقَفَاك.

 وَالرَّابِعَة حَمّ كَأَبٍّ.

 وَأَصْله حَمَو بِفَتْحِ الْحَاء وَالْمِيم.

 وَحَمَاة الْمَرْأَة أُمّ زَوْجهَا.

 لَا يُقَال فيها غَيْر هَذَا.

✯✯✯✯✯✯

‏4039- قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَدْخُلَنَّ رَجُل بَعْد يَوْمِي هَذَا عَلَى مُغْيِبَة إِلَّا وَمَعَهُ رَجُل أَوْ رَجُلَانِ» الْمُغْيِبَة بِضَمِّ الْمِيم وَكَسْر الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَإِسْكَان الْيَاء وَهِيَ الَّتِي غَابَ عَنْهَا زَوْجهَا.

 وَالْمُرَاد غَابَ زَوْجهَا عَنْ مَنْزِلهَا، سَوَاء غَابَ عَنْ الْبَلَد بِأَنْ سَافَرَ، أَوْ غَابَ عَنْ الْمَنْزِل، وَإِنْ كَانَ فِي الْبَلَد.

 هَكَذَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْره، وَهَذَا ظَاهِر مُتَعَيِّن.

قَالَ الْقَاضِي: وَدَلِيله هَذَا الْحَدِيث، وَأَنَّ الْقِصَّة الَّتِي قِيلَ الْحَدِيث بِسَبَبِهَا وَأَبُو بَكْر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ غَائِب عَنْ مَنْزِله لَا عَنْ الْبَلَد.

 وَاللَّه أَعْلَم.

 ثُمَّ إِنَّ ظَاهِر هَذَا الْحَدِيث جَوَاز خَلْوَة الرَّجُلَيْنِ أَوْ الثَّلَاثَة بِالْأَجْنَبِيَّةِ، وَالْمَشْهُور عِنْد أَصْحَابنَا تَحْرِيمه، فَيَتَأَوَّل الْحَدِيث عَلَى جَمَاعَة يَبْعُد وُقُوع الْمُوَاطَأَة مِنْهُمْ عَلَى الْفَاحِشَة لِصَلَاحِهِمْ، أَوْ مُرُوءَتهمْ، أَوْ غَيْر ذَلِكَ.

وَقَدْ أَشَارَ الْقَاضِي إِلَى نَحْو هَذَا التَّأْوِيل

 باب تحريم الخلوة بالاجنبية والدخول عليها


۞۞۞۞۞۞۞۞

كتاب السلام ﴿ 8 ﴾ 

۞۞۞۞۞۞۞۞



تعليقات