باب النهي عن التكني بابي القاسم وبيان ما يستحب من الاسماء
باب النهي عن التكني بابي القاسم وبيان ما يستحب من الاسماء
3974- قَوْله: «نَادَى رَجُل رَجُلًا بِالْبَقِيعِ: يَا أَبَا الْقَاسِم، فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُول اللَّه إِنِّي لَمْ أَعْنِك، إِنَّمَا دَعَوْت فُلَانًا، فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: تَسَمَّوْا بِاسْمِي، وَلَا تَكَنَّوْا بِكُنْيَتِي» اِخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَة عَلَى مَذَاهِب كَثِيرَة، وَجَمَعَهَا الْقَاضِي وَغَيْره: أَحَدهَا مَذْهَب الشَّافِعِيّ وَأَهْل الظَّاهِر أَنَّهُ لَا يَحِلّ التَّكَنِّي بِأَبِي الْقَاسِم لِأَحَدٍ أَصْلًا سَوَاء كَانَ اِسْمه مُحَمَّدًا أَوْ أَحْمَد، أَمْ لَمْ يَكُنْ، لِظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيث.
قَالُوا: فَيُبَاح التَّكَنِّي الْيَوْم بِأَبِي الْقَاسِم لِكُلِّ أَحَد، سَوَاء مَنْ اِسْمه مُحَمَّد وَأَحْمَد وَغَيْره، وَهَذَا مَذْهَب مَالِك.
قَالَ الْقَاضِي: وَبِهِ قَالَ جُمْهُور السَّلَف، وَفُقَهَاء الْأَمْصَار، وَجُمْهُور الْعُلَمَاء.
قَالُوا: وَقَدْ اُشْتُهِرَ أَنَّ جَمَاعَة تَكَنَّوْا بِأَبِي الْقَاسِم فِي الْعَصْر الْأَوَّل، وَفِيمَا بَعْد ذَلِكَ إِلَى الْيَوْم، مَعَ كَثْرَة فَاعِل ذَلِكَ، وَعَدَم الْإِنْكَار.
الثَّالِث مَذْهَب اِبْن جَرِير أَنَّهُ لَيْسَ بِمَنْسُوخٍ، وَإِنَّمَا كَانَ النَّهْي لِلتَّنْزِيهِ وَالْأَدَب، لَا لِلتَّحْرِيمِ.
الرَّابِع أَنَّ النَّهْي عَنْ التَّكَنِّي بِأَبِي الْقَاسِم مُخْتَصّ بِمَنْ اِسْمه مُحَمَّد أَوْ أَحْمَد، وَلَا بَأْس بِالْكُنْيَةِ وَحْدهَا لِمَنْ لَا يُسَمَّى بِوَاحِدٍ مِنْ الِاسْمَيْنِ، وَهَذَا قَوْل جَمَاعَة مِنْ السَّلَف، وَجَاءَ فيه حَدِيث مَرْفُوع عَنْ جَابِر.
الْخَامِس أَنَّهُ يَنْهَى عَنْ التَّكَنِّي بِأَبِي الْقَاسِم مُطْلَقًا، وَيَنْهَى عَنْ التَّسْمِيَة بِالْقَاسِمِ لِئَلَّا يُكَنَّى أَبُوهُ بِأَبِي الْقَاسِم، وَقَدْ غَيَّرَ مَرْوَان بْن الْحَكَم اِسْم اِبْنه عَبْد الْمَلِك حِين بَلَغَهُ هَذَا الْحَدِيث، فَسَمَّاهُ عَبْد الْمَلِك، وَكَانَ سَمَّاهُ أَوَّلًا الْقَاسِم، وَفَعَلَهُ بَعْض الْأَنْصَار أَيْضًا.
السَّادِس أَنَّ التَّسْمِيَة بِمُحَمَّدٍ مَمْنُوعَة مُطْلَقًا، سَوَاء كَانَ لَهُ كُنْيَة أَمْ لَا، وَجَاءَ فيه حَدِيث عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تُسَمُّونَ أَوْلَادكُمْ مُحَمَّدًا ثُمَّ تَلْعَنُونَهُمْ» وَكَتَبَ عُمَر إِلَى الْكُوفَة: لَا تُسَمُّوا أَحَدًا بِاسْمِ نَبِيّ، وَأَمَرَ جَمَاعَة بِالْمَدِينَةِ بِتَغْيِيرِ أَسْمَاء أَبْنَائِهِمْ مُحَمَّد، حَتَّى ذَكَرَ لَهُ جَمَاعَة أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَذِنَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ وَسَمَّاهُمْ بِهِ فَتَرَكَهُمْ.
قَالَ الْقَاضِي: وَالْأَشْبَه أَنَّ فِعْل عُمَر هَذَا إِعْظَام لِاسْمِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِئَلَّا يُنْتَهَك الِاسْم كَمَا سَبَقَ فِي الْحَدِيث: «تُسَمُّونَهُمْ مُحَمَّدًا ثُمَّ تَلْعَنُونَهُمْ».
وَقِيلَ: سَبَب نَهْي عُمَر أَنَّهُ سَمِعَ رَجُلًا يَقُول لِمُحَمَّدِ بْن زَيْد بْن الْخَطَّاب: فَعَلَ اللَّه بِك يَا مُحَمَّد، فَدَعَاهُ عُمَر، فَقَالَ: أَرَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسَبّ بِك، وَاللَّه لَا تَدَّعِي مُحَمَّدًا مَا بَقِيت، وَسَمَّاهُ عَبْد الرَّحْمَن.
✯✯✯✯✯✯
3975- قَوْله: (حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيم بْن زِيَاد الْمُلَقَّب بِسَبَلَانَ) وَهُوَ بِسِينٍ مُهْمَلَة مَفْتُوحَة، ثُمَّ مُوَحَّدَة مَفْتُوحَة.
قَوْله: (عَنْ عُبَيْد اللَّه بْن عُمَر وَأَخِيهِ عَبْد اللَّه) هَذَا صَحِيح لِأَنَّ عُبَيْد اللَّه ثِقَة حَافِظ ضَابِط مُجْمَع عَلَى الِاحْتِجَاج بِهِ، وَأَمَّا أَخُوهُ عَبْد اللَّه فَضَعِيف لَا يَجُوز الِاحْتِجَاج بِهِ، فَإِذَا جَمَعَ بَيْنهمَا الرَّاوِي جَازَ، وَوَجَبَ الْعَمَل بِالْحَدِيثِ اِعْتِمَادًا عَلَى عُبَيْد اللَّه.
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ أَحَبَّ أَسْمَائِكُمْ إِلَى اللَّه عَبْد اللَّه وَعَبْد الرَّحْمَن» فيه التَّسْمِيَة بِهَذَيْنِ الِاسْمَيْنِ وَتَفْضِيلهمَا عَلَى سَائِر مَا يُسَمَّى بِهِ.
✯✯✯✯✯✯
3976- قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَإِنَّمَا أَنَا قَاسِم أَقْسِم بَيْنكُمْ» وَفِي رِوَايَة لِلْبُخَارِيِّ فِي أَوَّل الْكِتَاب فِي بَاب: مَنْ يُرِدْ اللَّه بِهِ خَيْرًا يُفَقِّههُ فِي الدِّين.
«وَإِنَّمَا أَنَا قَاسِم وَاللَّه يُعْطِي» قَالَ الْقَاضِي عِيَاض: هَذَا يُشْعِر بِأَنَّ الْكُنْيَة إِنَّمَا تَكُون بِسَبَبِ وَصْف صَحِيح فِي الْمُكْنَى، أَوْ لِسَبَبِ اِسْم اِبْنه، وَقَالَ اِبْن بَطَّال فِي شَرْح رِوَايَة الْبُخَارِيّ: مَعْنَاهُ أَنِّي لَمْ اِسْتَأْثِرْ مِنْ مَال اللَّه تَعَالَى شَيْئًا دُونكُمْ، وَقَالَهُ تَطْيِيبًا لِقُلُوبِهِمْ حِين فَاضِل فِي الْعَطَاء فَقَالَ: اللَّه هُوَ الَّذِي يُعْطِيكُمْ لَا أَنَا، وَإِنَّمَا أَنَا قَاسِم، فَمَنْ قَسَمْت لَهُ شَيْئًا، فَذَلِكَ نَصِيبه قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا.
وَأَمَّا غَيْر أَبِي الْقَاسِم مِنْ الْكُنَى فَأَجْمَع الْمُسْلِمُونَ عَلَى جَوَازه سَوَاء كَانَ لَهُ اِبْن أَوْ بِنْت فَكُنِيَ بِهِ أَوْ بِهَا، أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَد، أَوْ كَانَ صَغِيرًا، أَوْ كُنِيَ بِغَيْرِ وَلَده، وَيَجُوز أَنْ يُكْنَى الرَّجُل أَبَا فُلَان وَأَبَا فُلَانَة، وَأَنْ تُكْنَى الْمَرْأَة أُمّ فُلَانَة، وَصَحَّ أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُول لِلصَّغِيرِ أَخِي أَنَس يَا أَبَا عُمَيْر مَا فَعَلَ النَّغِير وَاللَّه أَعْلَم.
✯✯✯✯✯✯
3977- سبق شرحه بالباب.
✯✯✯✯✯✯
3978- سبق شرحه بالباب.
✯✯✯✯✯✯
3979- سبق شرحه بالباب.
✯✯✯✯✯✯
3980- قَوْله: «وَلَا نُنْعِمك عَيْنًا» أَيْ لَا نُقِرّ عَيْنك بِذَلِكَ، وَسَبَقَ شَرْح: «قَرَّتْ عَيْنه» فِي حَدِيث أَبِي بَكْر وَضِيفَانه رَضِيَ اللَّه تَعَالَى عَنْهُمْ.
✯✯✯✯✯✯
3981- سبق شرحه بالباب.
✯✯✯✯✯✯
3982- قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَنِي إِسْرَائِيل: «إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَمُّونَ بِأَنْبِيَائِهِمْ وَالصَّالِحِينَ قَبْلهمْ» اِسْتَدَلَّ بِهِ جَمَاعَة عَلَى جَوَاز التَّسْمِيَة بِأَسْمَاءِ الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِمْ السَّلَام، وَأَجْمَع عَلَيْهِ الْعُلَمَاء، إِلَّا مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ عُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ، وَسَبَقَ تَأْوِيله، وَقَدْ سَمَّى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اِبْنه إِبْرَاهِيم، وَكَانَ فِي أَصْحَابه خَلَائِق مُسَمُّونَ بِأَسْمَاءِ الْأَنْبِيَاء.
قَالَ الْقَاضِي: وَقَدْ كَرِهَ بَعْض الْعُلَمَاء التَّسَمِّي بِأَسْمَاءِ الْمَلَائِكَة، وَهُوَ قَوْل الْحَارِث بْن مِسْكِين.
قَالَ: وَكَرِهَ مَالِك التَّسَمِّي بِجِبْرِيل وَيَاسِين
باب النهي عن التكني بابي القاسم وبيان ما يستحب من الاسماء
۞۞۞۞۞۞۞۞
كتاب الآداب ﴿ 1 ﴾
۞۞۞۞۞۞۞۞