باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوّله باء
باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوّله باء
اعلم أَنّ للرُّباعيّ والخُماسيّ مذهباً في القياس، يَستَنْبِطه النَّظرُ الدَّقيق.
وذلك أنّ أكثر ما تراه منه منحوتٌ.
ومعنى النَّحت أن تُؤخَذَ كلمتان وتُنْحَتَ منهما كلمةٌ تكون آخذةً منهما جميعاً بخَطِّ.
والأصل في ذلك ما ذكره الخليل من قولهم حَيْعَل الرّجُل، إذا قالَ حَيَّ عَلَى.
ومن الشيء الذي كأنّه متَّفَقٌ عليه قولهم:
عَبْشَميّ.
وقوله:
* تَضْحَكُ مِنّي شَيْخَةٌ عَبْشَمِيَّةٌ * فعلى هذا الأصل بَنَينا ما ذكرناه من مقاييس الرّباعي، فنقول:
إنّ ذلك على ضربين:
أحدهما المنحوت الذي ذكرناه، والضّرب الآخر [الموضوع] وضعاً لا مجالَ له في طُرق القياس.
وسنبين ذلك بِعَون الله.
فممّا جاءَ منحوتاً من كلام العرب في الرُّباعي أوله باء.
(البلعُوم) مَجْرَى الطّعامِ في الحَلْق.
وقد يحذف فيقال بُلْعُم.
وغير مُشْكلٍ أنَّ هذا مأخوذٌ من بَلِعَ، إلاّ أنّه زِيدَ عليه ما زيِدَ لجنسٍ من المبالغة في معناه.
وهذا وما أشبهه توطِئةٌ لما بعده.
ومن ذلك
(بُحْتُرٌ) وهو القصير المجتمِع الخَلْق.
فهذا منحوتٌ من كلمتين، من الباء والتاء والراء، وهو من بترتُه فبُتِر، كأنّه حُرِم الطُّولَ فَبُتِرَ خَلْقه.
والكلمة الثانية الحاء والتاء والراء، هو من حَتَرتُ وأَحْتَرت، وذلك أنْ لا تُفْضِلَ على أحدٍ.
يقال أَحْتَرَ على نَفْسِه [وعِياله] أي ضيَّق عليهم.
فقد صار هذا المعنى في القصير لأنّه لم يُعْطَ ما أُعْطِيَه الطّويلُ.
ومن ذلك
(بَحْثَرْتُ) الشيءَ، إذا بَدّدته.
والبَحْثَرة:
الكَدَر في الماء.
وهذه منحوتةٌ من كلمتين:
من بحثْتُ الشّيء في التراب -وقد فُسِّر في الثلاثي- ومن البَثْر الذي يَظْهَر على البَدَن، *وهو عربيٌّ صحيحٌ معروف.
وذلك أنّه يَظْهَرُ متفرِّقاً على الجِلْد.
ومن ذلك
(البَعْثَقَةُ) وتفسيره خُروج الماءِ من الحَوْض.
يقال تَبَعْثَق الماءُ من الحوض إذا انكسرتْ منه ناحيةٌ فخرجَ منها.
وذلك منحوتٌ من كلمتين:
بَعَقَ وبثق، يقال انبعق الماء تَفتّح -وقد فُسِّر في الثلاثيّ- وبثَقْتُ الماءَ، وهو البثق، وقد مضى ذِكرُه.
وَمن ذلك
(البُرْجُد) وهو كِساءٌ مخطَّط.
وقد نحت من كلمتين:
من البِجاد وهو الكِساءُ -وقد فُسّر – ومن البُرْد.
والشَّبَه بينهما قريب.
ومن ذلك
(ابْلَنْدَحَ) وتفسيره اتَّسع.
وهو منحوتٌ من كلمتين:
من البَدَاح وهي الأرض الواسعة، ومن البَلَد وهو الفَضاء البَرَاز.
وقد مضى تفسيرُهما.
وَمن ذلك قولهم ضَرَبه فـ
(بَخْذَعَهُ) وهو من قولك خُذِّع إذا حُزِّزَ وقُطِّع.
ومنه:
* فكلاهُما بَطَلُ اللِّقاءِ مُخَذَّعُ * وقد فُسِّر- ومن بُذِعَ، يقال بُذِعُوا فَابْذَعَرُّوا، إذا تَفَرَّقوا.
ومن ذلك قولهم
(بَلْطَحَ) الرَّجُل، إذا ضَرَب بنَفْسِه الأرضَ.
فهي منحوتةٌ من بُطِح وَأُبْلِط، إذا لَصِق بِبَلاط الأرض.
ومن ذلك قولهم
(بَزْمَخَ) الرّجل إذا تكبَّر.
وهي منحوتةٌ من قولهم زَمَخ إذا شَمَخ بأنفه، وهو زَامِخٌ، ومن قولهم بَزَخ إذا تَقاعَسَ، ومَشَى مُتَبازِخاً إذا تكلفَ إقامَةَ صُلْبِه.
وقد فُسِّرَ.
ومن ذلك قولهم
(تَبَلْخَصَ) لحمُه، إذا غَلُظ.
وذلك من الكلمتين، من اللَّخَصِ وهو كثْرة اللَّحم، يقال ضَرْعٌ لَخِيصٌ، ومن البَخَص، وهي لحمة الذِّراع والعين وأصولِ الأصابع.
وَمن ذلك
(تَبَزْعَرَ) أي ساءَ خُلقُه.
وهذا من الزَّعَر والزَّعَارَة، والتبَزُّع.
وقد فُسِّرا في مواضِعِهما من الثلاثي.
ومن ذلك
(البِرْقِش) وهو طائرٌ.
وهو من كلمتين:
من رَقَشْتُ الشّيءَ -وهو كالنَّقش- ومن البَرَش وهو اختلافُ اللونين، وهو معروفٌ.
ومن ذلك
(البَهْنَسَة) التَّبَخْتُر، فهو من البَهْس صِفَةِ الأسد، ومن بَنَسَ إذا تَأَخَّر.
معناه أنّه يمشي مُقارِباً في تعظُّم وَكِبْرٍ.
ومما يقارب هذا قولهم
(بَلْهَسَ) إذا أسرع.
فهو من بَهَسَ ومن بَلِهَ، وهو صِفَة الأبْلَهِ.باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوّله باء
باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوّله باء
باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوّله باء