باب النهي عن الانتباذ في المزفت والدباء والحنتم والنقير وبيان انه منسوخ وانه اليوم حلال ما لم يصر مسكرا
باب النهي عن الانتباذ في المزفت والدباء والحنتم والنقير وبيان انه منسوخ وانه اليوم حلال ما لم يصر مسكرا
هَذَا الْبَاب قَدْ سَبَقَ شَرْحه، وَبَيَان هَذِهِ الْأَلْفَاظ، وَحُكْم الِانْتِبَاذ، وَذَكَرْنَا أَنَّهُ مَنْسُوخ عِنْدنَا وَعِنْد جَمَاهِير الْعُلَمَاء، وَأَوْضَحْنَا كُلّ مَا يَتَعَلَّق بِهِ فِي أَوَّل كِتَاب الْإِيمَان فِي حَدِيث وَفْد عَبْد الْقَيْس، وَلَا نُعِيد هُنَا إِلَّا مَا يُحْتَاج إِلَيْهِ مَعَ مَا لَمْ يَسْبِق هُنَاكَ، وَمُخْتَصَر الْقَوْل فيه أَنَّهُ كَانَ الِانْتِبَاذ فِي هَذِهِ الْأَوْعِيَة مَنْهِيًّا عَنْهُ فِي أَوَّل الْإِسْلَام خَوْفًا مِنْ أَنْ يَصِير مُسْكِرًا فيها، وَلَا نَعْلَم بِهِ لِكَثَافَتِهَا، فَتَتْلَف مَالِيَّته، وَرُبَّمَا شَرِبَهُ الْإِنْسَان ظَانًّا أَنَّهُ لَمْ يَصِرْ مُسْكِرًا فَيَصِير شَارِبًا لِلْمُسْكِرِ، وَكَانَ الْعَهْد قَرِيبًا بِإِبَاحَةِ الْمُسْكِر، فَلَمَّا طَالَ الزَّمَان وَاشْتَهَرَ تَحْرِيم الْمُسْكِر، وَتَقَرَّرَ ذَلِكَ فِي نُفُوسهمْ نُسِخَ ذَلِكَ وَأُبِيحَ لَهُمْ الِانْتِبَاذ فِي كُلّ وِعَاء بِشَرْطِ أَلَّا يَشْرَبُوا مُسْكِرًا، وَهَذَا صَرِيح.
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيث بُرَيْدَةَ الْمَذْكُور فِي آخِر هَذِهِ الْأَحَادِيث: «كُنْت نَهَيْتُكُمْ عَنْ الِانْتِبَاذ إِلَّا فِي سِقَاء، فَاشْرَبُوا فِي كُلّ وِعَاء غَيْر أَلَّا تَشْرَبُوا مُسْكِرًا».
✯✯✯✯✯✯
3688- سبق شرحه بالباب.
✯✯✯✯✯✯
3689- سبق شرحه بالباب.
✯✯✯✯✯✯
3690- سبق شرحه بالباب.
✯✯✯✯✯✯
3691- سبق شرحه بالباب.
✯✯✯✯✯✯
3692- قَوْله فِي حَدِيث نَصْر بْن عَلِيّ الْجَهْضَمِيّ: «أَنْهَاكُمْ عَنْ الدُّبَّاء وَالْحَنْتَم وَالنَّقِير وَالْمُقَيَّر، وَالْحَنْتَم: الْمَزَادَة الْمَجْبُوبَة، وَلَكِنْ اِشْرَبْ فِي سِقَائِك وَأَوْكِهِ» هَكَذَا هُوَ فِي جَمِيع النُّسَخ بِبِلَادِنَا: «وَالْحَنْتَم الْمَزَادَة الْمَجْبُوبَة» وَكَذَا نَقَلَهُ الْقَاضِي عَنْ جَمَاهِير رُوَاة صَحِيح مُسْلِم، وَمُعْظَم النُّسَخ.
قَالَ: وَوَقَعَ فِي بَعْض النُّسَخ: «وَالْحَنْتَم وَالْمَزَادَة الْمَجْبُوبَة» قَالَ: وَهَذَا هُوَ الصَّوَاب، وَالْأُولَى تَغْيِير وَوَهْم، قَالَ: وَكَذَا ذَكَرَهُ النَّسَائِيُّ، وَعَنْ الْحَنْتَم وَعَنْ الْمَزَادَة الْمَجْبُوبَة وَفِي سُنَن أَبِي دَاوُدَ: «وَالْحَنْتَم وَالدُّبَّاء وَالْمَزَادَة الْمَجْبُوبَة» قَالَ: وَضَبَطْنَاهُ فِي جَمِيع هَذِهِ الْكُتُب (الْمَجْبُوبَة) بِالْجِيمِ وَبِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَة الْمُكَرَّرَة، وَقَالَ: وَرَوَاهُ بَعْضهمْ (الْمَخْنُوثَة) بِخَاءٍ مُعْجَمَة ثُمَّ نُون وَبَعْد الْوَاو ثَاء مُثَلَّثَة كَأَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْ اِخْتِنَاث الْأَسْقِيَة الْمَذْكُورَة فِي حَدِيث آخَر، وَهَذِهِ الرِّوَايَة لَيْسَتْ بِشَيْءٍ، وَالصَّوَاب الْأَوَّل إِنَّهَا بِالْجِيمِ، قَالَ إِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ وَثَابِت: هِيَ الَّتِي قُطِعَ رَأْسهَا فَصَارَتْ كَهَيْئَةِ الدَّنّ، وَأَصْل الْجُبّ الْقَطْع، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي قُطِعَ رَأْسهَا وَلَيْسَتْ لَهَا عَزْلَاء مِنْ أَسْفَلهَا يَتَنَفَّس الشَّرَاب مِنْهَا فَيَصِير شَرَابهَا مُسْكِرًا وَلَا يَدْرِي بِهِ.
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَلَكِنْ اِشْرَبْ فِي سِقَائِك وَأَوْكِهِ» قَالَ الْعُلَمَاء: مَعْنَاهُ: أَنَّ السِّقَاء إِذَا أُوكِيَ أُمِنَتْ مَفْسَدَة الْإِسْكَار؛ لِأَنَّهُ مَتَى تَغَيَّرَ نَبِيذه وَاشْتَدَّ وَصَارَ مُسْكِرًا شَقَّ الْجِلْد الْمُوكِي فَمَا لَمْ يَشُقّهُ لَا يَكُون أُمِنَتْ مَفْسَدَة الْإِسْكَار؛ لِأَنَّهُ مَتَى تَغَيَّرَ نَبِيذه وَاشْتَدَّ وَصَارَ مُسْكِرًا فَمَا لَمْ يَشُقّهُ لَا يَكُون مُسْكِرًا، بِخِلَافِ الدُّبَّاء وَالْحَنْتَم وَالْمَزَادَة الْمَجْبُوبَة وَالْمُزَفَّت وَغَيْرهَا مِنْ الْأَوْعِيَة الْكَثِيفَة، فَإِنَّهُ قَدْ يَصِير فيها مُسْكِرًا وَلَا يُعْلَم.
✯✯✯✯✯✯
3693- سبق شرحه بالباب.
✯✯✯✯✯✯
3694- سبق شرحه بالباب.
✯✯✯✯✯✯
3695- سبق شرحه بالباب.
✯✯✯✯✯✯
3696- قَوْله: (حَدَّثَنَا شَيْبَان بْن فَرُّوخ حَدَّثَنَا الْقَاسِم يَعْنِي اِبْن الْفَضْل) هَكَذَا هُوَ فِي جَمِيع نُسَخ بِلَادنَا (الْفَضْل) بِغَيْرِ مِيم، وَكَذَا نَقَلَهُ الْقَاضِي عَنْ مُعْظَم نُسَخ بِلَادهمْ وَهُوَ الصَّوَاب، وَوَقَعَ فِي بَعْض نُسَخ الْمَغَارِبَة (الْمُفَضَّل) بِالْمِيمِ وَهُوَ خَطَأ صَرِيح، وَقَدْ ذَكَرَهُ مُسْلِم بَعْد هَذَا فِي بَاب الِانْتِبَاذ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الصَّوَاب بِاتِّفَاقِ نُسَخ الْجَمِيع.
✯✯✯✯✯✯
3697- سبق شرحه بالباب.
✯✯✯✯✯✯
3698- سبق شرحه بالباب.
✯✯✯✯✯✯
3699- سبق شرحه بالباب.
✯✯✯✯✯✯
3700- سبق شرحه بالباب.
✯✯✯✯✯✯
3701- سبق شرحه بالباب.
✯✯✯✯✯✯
3702- قَوْله: «نَهَى عَنْ الْجَرّ» هُوَ بِمَعْنَى الْجِرَار الْوَاحِدَة جَرَّة، وَهَذَا يَدْخُل فيه جَمِيع أَنْوَاع الْجِرَار مِنْ الْحَنْتَم وَغَيْره، وَهُوَ مَنْسُوخ كَمَا سَبَقَ.
✯✯✯✯✯✯
3703- سبق شرحه بالباب.
✯✯✯✯✯✯
3704- سبق شرحه بالباب.
✯✯✯✯✯✯
3705- سبق شرحه بالباب.
✯✯✯✯✯✯
3706- قَوْله: (قُلْت): يَعْنِي لِابْنِ عَبَّاس (وَأَيّ شَيْء نَبِيذ الْجَرّ؟ فَقَالَ: كُلّ شَيْء يُصْنَع مِنْ الْمَدَر) هَذَا تَصْرِيح مِنْ اِبْن عَبَّاس بِأَنَّ الْجَرّ يَدْخُل فيه جَمِيع أَنْوَاع الْجِرَار الْمُتَّخِذَة مِنْ الْمَدَر الَّذِي هُوَ التُّرَاب.
✯✯✯✯✯✯
3707- قَوْله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى وَذَكَرَ الْإِسْنَاد الثَّانِي إِلَى شُعْبَة عَنْ يَحْيَى أَبِي عُمَر الْبَهْرَانِيّ) هَكَذَا هُوَ فِي مُعْظَم نُسَخ بِلَادنَا (يَحْيَى أَبِي عُمَر) بِالْكُنْيَةِ، وَهُوَ الصَّوَاب، وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّهُ وَقَعَ لِجَمِيعِ شُيُوخهمْ (يَحْيَى بْن عُمَر) بِالْبَاءِ وَالنُّون نِسْبَة، قَالَ وَلِبَعْضِهِمْ (يَحْيَى بْن أَبِي عُمَر) قَالَ: وَكِلَاهُمَا وَهْم، وَإِنَّمَا هُوَ يَحْيَى بْن عُبَيْد أَبُو عُمَر الْبَهْرَانِيّ، وَكَذَا جَاءَ بَعْد هَذَا فِي بَاب الِانْتِبَاذ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الصَّوَاب.
✯✯✯✯✯✯
3708- سبق شرحه بالباب.
✯✯✯✯✯✯
3709- سبق شرحه بالباب.
✯✯✯✯✯✯
3710- سبق شرحه بالباب.
✯✯✯✯✯✯
3711- سبق شرحه بالباب.
✯✯✯✯✯✯
3712- سبق شرحه بالباب.
✯✯✯✯✯✯
3713- سبق شرحه بالباب.
✯✯✯✯✯✯
3714- سبق شرحه بالباب.
✯✯✯✯✯✯
3715- سبق شرحه بالباب.
✯✯✯✯✯✯
3716- قَوْله: «وَنَهَى عَنْ النَّقِير وَهِيَ النَّخْلَة تُنْسَح نَسْحًا أَوْ تُنْقَر نَقْرًا» هَكَذَا هُوَ فِي مُعْظَم الرِّوَايَات، (وَالنَّسْح) بِسِينٍ وَحَاء مُهْمَلَتَيْنِ أَيْ: تُقْشَر ثُمَّ تُنْقَر، فَتَصِير نَقِيرًا، وَوَقَعَ لِبَعْضِ الرُّوَاة فِي بَعْض النُّسَخ (تُنْسَج) بِالْجِيمِ، قَالَ الْقَاضِي وَغَيْره: هُوَ تَصْحِيف، وَادَّعَى بَعْض الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّهُ وَقَعَ فِي نُسَخ صَحِيح مُسْلِم وَفِي التِّرْمِذِيّ بِالْجِيمِ، وَلَيْسَ كَمَا قَالَ، بَلْ مُعْظَم نُسَخ مُسْلِم بِالْخَاءِ.
✯✯✯✯✯✯
3717- قَوْله: (أَخْبَرَنَا عَبْد الْخَالِق بْن سَلَمَة) هُوَ بِفَتْحِ اللَّام وَكَسْرهَا سَبَقَ بَيَانه فِي مُقَدِّمَة هَذَا الشَّرْح.
✯✯✯✯✯✯
3718- سبق شرحه بالباب.
✯✯✯✯✯✯
3719- سبق شرحه بالباب.
✯✯✯✯✯✯
3720- سبق شرحه بالباب.
✯✯✯✯✯✯
3721- قَوْله: «يُنْبَذ لَهُ فِي تَوْر مِنْ حِجَارَة» هُوَ بِالتَّاءِ فَوْق، وَفِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى: «تَوْر مِنْ بِرَامٍ» وَهُوَ بِمَعْنَى قَوْله: «مِنْ حِجَارَة» وَهُوَ قَدَح كَبِير كَالْقِدْرِ يُتَّخَذ تَارَة مِنْ الْحِجَارَة، وَتَارَة مِنْ النُّحَاس وَغَيْره.
✯✯✯✯✯✯
3722- قَوْله: «إِنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُنْبَذ لَهُ فِي تَوْر مِنْ حِجَارَة» فيه: التَّصْرِيح بِنَسْخِ النَّهْي عَنْ الِانْتِبَاذ فِي الْأَوْعِيَة الْكَثِيفَة كَالدُّبَّاءِ وَالْحَنْتَم وَالنَّقِير وَغَيْرهَا؛ لِأَنَّ تَوْر الْحِجَارَة أَكْثَف مِنْ هَذِهِ كُلّهَا، وَأَوْلَى بِالنَّهْيِ مِنْهَا، فَلَمَّا ثَبَتَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اِنْتَبَذَ لَهُ فيه؛ دَلَّ عَلَى النَّسْخ وَهُوَ مُوَافِق لِحَدِيثِ بُرَيْدَةَ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كُنْت نَهَيْتُكُمْ» إِلَى آخِره، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي أَوَّل الْبَاب.
✯✯✯✯✯✯
3723- قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «نَهَيْتُكُمْ عَنْ النَّبِيذ إِلَّا فِي سِقَاء فَاشْرَبُوا فِي الْأَسْقِيَة كُلّهَا وَلَا تَشْرَبُوا مُسْكِرًا» وَفِي الرِّوَايَة الثَّانِيَة: «نَهَيْتُكُمْ عَنْ الظُّرُوف وَإِنَّ الظُّرُوف أَوْ ظَرْفًا لَا يُحِلّ شَيْئًا وَلَا يُحَرِّمهُ وَكُلّ مُسْكِر حَرَام»، وَفِي الرِّوَايَة الثَّالِثَة: «كُنْت نَهَيْتُكُمْ عَنْ الْأَشْرِبَة فِي ظُرُوف الْأَدَم فَاشْرَبُوا فِي كُلّ وِعَاء غَيْر أَلَّا تَشْرَبُوا مُسْكِرًا».
قَالَ الْقَاضِي: هَذِهِ الرِّوَايَة الثَّانِيَة فيها تَغْيِير مِنْ بَعْض الرُّوَاة، وَصَوَابه: «كُنْت نَهَيْتُكُمْ عَنْ الْأَشْرِبَة إِلَّا فِي ظُرُوف الْأَدَم» فَحَذَفَ لَفْظَة: «إِلَّا» الَّتِي لِلِاسْتِثْنَاءِ، ولابد مِنْهَا قَالَ: وَالرِّوَايَة الْأُولَى فيها تَغْيِير أَيْضًا، وَصَوَابهَا فَاشْرَبُوا فِي الْأَوْعِيَة كُلّهَا؛ لِأَنَّ الْأَسْقِيَة وَظُرُوف الْأَدَم لَمْ تَزَلْ مُبَاحَة مَأْذُونًا فيها، وَإِنَّمَا نَهَى عَنْ غَيْرهَا مِنْ الْأَوْعِيَة كَمَا قَالَ فِي الرِّوَايَة الْأُولَى: «كُنْت نَهَيْتُكُمْ عَنْ الِانْتِبَاذ إِلَّا فِي سِقَاء».
فَالْحَاصِل أَنَّ صَوَاب الرِّوَايَتَيْنِ: «كُنْت نَهَيْتُكُمْ عَنْ الِانْتِبَاذ إِلَّا فِي سِقَاء فَانْتَبِذُوا وَاشْرَبُوا فِي كُلّ وِعَاء» وَمَا سِوَى هَذَا تَغْيِير مِنْ الرُّوَاة.
وَاللَّهُ أَعْلَم.
✯✯✯✯✯✯
3725- قَوْله: (عَنْ مُعَرِّف بْن وَاصِل) هُوَ بِكَسْرِ الرَّاء عَلَى الْمَشْهُور، وَيُقَال بِفَتْحِهَا، حَكَاهُ صَاحِب الْمَشَارِق وَالْمَطَالِع، وَيُقَال فيه: مَعْرُوف.
✯✯✯✯✯✯
3726- قَوْله: عَنْ أَبِي عِيَاض عَنْ عَبْد اللَّه بْن عَمْرو قَالَ: «لَمَّا نَهَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ النَّبِيذ» الْحَدِيث هَكَذَا هُوَ فِي النُّسَخ الْمُعْتَمَدَة بِبِلَادِنَا، وَمُعْظَم النُّسَخ عَنْ عَبْد اللَّه بْن عَمْرو، بِفَتْحِ الْعَيْن مِنْ (عَمْرو) وَبِوَاوٍ مِنْ الْخَطّ، وَهُوَ اِبْن عَمْرو بْن الْعَاص، وَوَقَعَ فِي بَعْضهَا (اِبْن عُمَر) بِضَمِّ الْعَيْن يَعْنِي اِبْن الْخَطَّاب وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّ نُسَخهمْ أَيْضًا اِخْتَلَفَتْ فيهمْ، وَأَنَّ أَبَا عَلِيّ الْغَسَّانِيّ قَالَ: الْمَحْفُوظ (اِبْن عَمْرو بْن الْعَاص) وَقَدْ ذَكَرَهُ الْحُمَيْدِيّ صَاحِب اِبْن عُيَيْنَةَ، وَابْن أَبِي شَيْبَة كِلَاهُمَا عَنْ سُفْيَان بْن عُيَيْنَةَ فِي مُسْنَد اِبْن عَمْرو بْن الْعَاص، وَكَذَا ذَكَرَهُ الْبُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُدَ، وَكَذَا ذَكَرَهُ الْحُمَيْدِيّ فِي الْجَمْع بَيْن الصَّحِيحَيْنِ، وَنَسَبَهُ إِلَى رِوَايَة الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم، وَكَذَا ذَكَرَهُ جُمْهُور الْمُحَدِّثِينَ، وَهُوَ الصَّحِيح.
وَاللَّهُ أَعْلَم.
قَوْله: «لَمَّا نَهَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ النَّبِيذ فِي الْأَوْعِيَة قَالُوا: لَيْسَ كُلّ النَّاس يَجِد، فَأُرَخِّص لَهُمْ فِي الْجَرّ غَيْر الْمُزَفَّت» هَكَذَا هُوَ فِي مُسْلِم: «عَنْ النَّبِيذ فِي الْأَوْعِيَة» وَهُوَ الصَّوَاب، وَوَقَعَ فِي غَيْر مُسْلِم عَنْ النَّبِيذ فِي الْأَسْقِيَة، وَكَذَا نَقَلَهُ الْحُمَيْدِيّ فِي الْجَمْع بَيْن الصَّحِيحَيْنِ عَنْ رِوَايَة عَلِيّ الْمَدِينِيّ عَنْ سُفْيَان بْن عُيَيْنَةَ، قَالَ الْحُمَيْدِيّ: وَلَعَلَّهُ نَقْص مِنْهُ فَيَكُون: «عَنْ النَّبِيذ إِلَّا فِي الْأَسْقِيَة»، قَالَ: وَفِي رِوَايَة عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد وَأَبِي بَكْر بْن أَبِي شَيْبَة وَمُحَمَّد بْن أَبِي عُمَر عَنْ سُفْيَان: «عَنْ النَّبِيذ فِي الْأَوْعِيَة».
وَأَمَّا قَوْله: «لَيْسَ كُلّ النَّاس يَجِد» فَمَعْنَاهُ: يَجِد أَسْقِيَة الْأَدَم.
وَأَمَّا قَوْله: «فَرَخَّصَ لَهُمْ فِي الْجَرّ غَيْر الْمُزَفَّت» فَمَحْمُول عَلَى أَنَّهُ رَخَّصَ فيه أَوَّلًا ثُمَّ رَخَّصَ فِي جَمِيع الْأَوْعِيَة فِي حَدِيث بُرَيْدَةَ وَغَيْره.
وَاللَّهُ أَعْلَمبَاب بَيَان أَنَّ كُلّ مُسْكِر خَمْر وَأَنَّ كُلّ خَمْر حَرَام:قَدْ سَبَقَ مَقْصُود هَذَا الْبَاب، وَذَكَرْنَا دَلَائِله فِي الْبَاب الْأَوَّل مَعَ مَذَاهِب النَّاس فيه، وَهَذِهِ الْأَحَادِيث الْمَذْكُورَة هُنَا صَرِيحَة فِي أَنَّ كُلّ مُسْكِر فَهُوَ حَرَام وَهُوَ خَمْر، وَاتَّفَقَ أَصْحَابنَا عَلَى تَسْمِيَة جَمِيع هَذِهِ الْأَنْبِذَة خَمْرًا لَكِنْ قَالَ أَكْثَرهمْ: هُوَ مَجَاز، وَإِنَّمَا حَقِيقَة الْخَمْر عَصِير الْعِنَب، وَقَالَ جَمَاعَة مِنْهُمْ: هُوَ حَقِيقَة لِظَاهِرِ الْأَحَادِيث.
وَاللَّهُ أَعْلَم.
✯✯✯✯✯✯
3727- قَوْله: «سُئِلَ عَنْ الْبِتْع» هُوَ بِبَاءٍ مُوَحَّدَة مَكْسُورَة ثُمَّ تَاء مُثَنَّاة فَوْق سَاكِنَة ثُمَّ عَيْن مُهْمَلَة، وَهُوَ نَبِيذ الْعَسَل، وَهُوَ شَرَاب أَهْل الْيَمَن، قَالَ الْجَوْهَرِيّ: وَيُقَال: أَيْضًا بِفَتْحِ التَّاء الْمُثَنَّاة كَقِمْعٍ وَقِمَع.
قَوْله: «سُئِلَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْبِتْع فَقَالَ: كُلّ شَرَاب أَسْكَرَ فَهُوَ حَرَام» هَذَا مِنْ جَوَامِع كَلِمه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفيه أَنَّهُ يُسْتَحَبّ لِلْمُفْتِي إِذَا رَأَى بِالسَّائِلِ حَاجَة إِلَى غَيْر مَا سَأَلَ أَنْ يَضُمّهُ فِي الْجَوَاب إِلَى الْمَسْئُول عَنْهُ، وَنَظِير هَذَا الْحَدِيث حَدِيث: «هُوَ الطَّهُور مَاؤُهُ الْحِلّ مَيْتَته».
✯✯✯✯✯✯
3729- قَوْله: «إِنَّ شَرَابًا يُقَال لَهُ: الْمِزْر مِنْ الشَّعِير» هُوَ بِكَسْرِ الْمِيم وَيَكُون مِنْ الذُّرَة وَمِنْ الشَّعِير وَمِنْ الْحِنْطَة.
✯✯✯✯✯✯
3730- قَوْله: «يَطْبُخ حَتَّى يَعْقِد» هُوَ بِفَتْحِ الْيَاء وَكَسْر الْقَاف يُقَال: عَقَدَ الْعَسَل وَنَحْوه وَأَعْقَدْته.
قَوْله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبَّاد حَدَّثَنَا سُفْيَان عَنْ عَمْرو سَمِعَهُ مِنْ سَعِيد بْن أَبِي بُرْدَة) هَذَا الْإِسْنَاد اِسْتَدْرَكَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَقَالَ: لَمْ يُتَابَع اِبْن عَبَّاد عَلَى هَذَا قَالَ: وَلَا يَصِحّ هَذَا عَنْ عَمْرو بْن دِينَار، قَالَ: وَقَدْ رَوَى عَنْ اِبْن عُيَيْنَةَ عَنْ مِسْعَر وَلَمْ يَثْبُت، وَلَمْ يُخَرِّجهُ الْبُخَارِيّ مِنْ رِوَايَة اِبْن عُيَيْنَةَ.
وَاللَّهُ أَعْلَم.
✯✯✯✯✯✯
3731- قَوْله: «وَكَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أُعْطِيَ جَوَامِع الْكَلِم بِخَوَاتِمِهِ» أَيْ إِيجَاز اللَّفْظ مَعَ تَنَاوُله الْمَعَانِي الْكَثِيرَة جِدًّا.
وَقَوْله: «بِخَوَاتِمِهِ» أَيْ كَأَنَّهُ يَخْتِم عَلَى الْمَعَانِي الْكَثِيرَة الَّتِي تَضَمَّنَهَا اللَّفْظ الْيَسِير، فَلَا يَخْرُج مِنْهَا شَيْء عَنْ طَالِبه وَمُسْتَنْبِطه لِعُذُوبَةِ لَفْظه وَجَزَالَته.
باب النهي عن الانتباذ في المزفت والدباء والحنتم والنقير وبيان انه منسوخ وانه اليوم حلال ما لم يصر مسكرا
۞۞۞۞۞۞۞۞
كتاب الأشربة ﴿ 6 ﴾
۞۞۞۞۞۞۞۞