📁 آخر الأخبار

باب الصلاة في الرحال في المطر

 

 باب الصلاة في الرحال في المطر

باب الصلاة في الرحال في المطر


1126- قَوْله: «إِنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْمُر الْمُؤَذِّن إِذَا كَانَتْ لَيْلَة بَارِدَة أَوْ ذَات مَطَر فِي السَّفَر أَنْ يَقُول: أَلَا صَلُّوا فِي رِحَالكُمْ»، وَفِي رِوَايَة: «لِيُصَلِّ مَنْ شَاءَ مِنْكُمْ فِي رَحْله» وَفِي حَدِيث اِبْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا: (أَنَّهُ قَالَ لِمُؤَذِّنِهِ فِي يَوْم مَطِير: إِذَا قُلْت: أَشْهَد أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُول اللَّه فَلَا تَقُلْ: حَيّ عَلَى الصَّلَاة، قُلْ: صَلُّوا فِي بُيُوتكُمْ، قَالَ: فَكَأَنَّ النَّاس اِسْتَنْكَرُوا ذَلِكَ فَقَالَ: أَتَعْجَبُونَ مِنْ ذَا، فَقَدْ فَعَلَ هَذَا مَنْ هُوَ خَيْر مِنِّي، إِنَّ الْجُمُعَة عَزْمَة وَإِنِّي كَرِهْت أَنْ أُحْرِجكُمْ فَتَمْشُوا فِي الطِّين وَالدَّحْض)، وَفِي رِوَايَة: (فَعَلَهُ مَنْ هُوَ خَيْر مِنِّي يَعْنِي رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) هَذَا الْحَدِيث دَلِيل عَلَى تَخْفِيف أَمْر الْجَمَاعَة فِي الْمَطَر وَنَحْوه مِنْ الْأَعْذَار، وَأَنَّهَا مُتَأَكِّدَة إِذَا لَمْ يَكُنْ عُذْر، وَأَنَّهَا مَشْرُوعَة لِمَنْ تَكَلَّفَ الْإِتْيَان إِلَيْهَا وَتَحَمَّلَ الْمَشَقَّة؛ لِقَوْلِهِ فِي الرِّوَايَة الثَّانِيَة: لِيُصَلِّ مَنْ شَاءَ فِي رَحْله، وَأَنَّهَا مَشْرُوعَة فِي السَّفَر، وَأَنَّ الْأَذَان مَشْرُوع فِي السَّفَر، وَفِي حَدِيث اِبْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُ أَنْ يَقُول: أَلَا صَلُّوا فِي رِحَالكُمْ فِي نَفْس الْأَذَان، وَفِي حَدِيث اِبْن عُمَر أَنَّهُ قَالَ فِي آخِر نِدَائِهِ.

 وَالْأَمْرَانِ جَائِزَانِ نَصَّ عَلَيْهِمَا الشَّافِعِيّ رَحِمَهُ اللَّه تَعَالَى فِي الْأُمّ فِي كِتَاب الْأَذَان، وَتَابَعَهُ جُمْهُور أَصْحَابنَا فِي ذَلِكَ، فَيَجُوز بَعْد الْأَذَان، وَفِي أَثْنَائِهِ لِثُبُوتِ السُّنَّة فيهمَا، لَكِنَّ قَوْله بَعْده أَحْسَن لِيَبْقَى نَظْم الْأَذَان عَلَى وَضْعه، وَمِنْ أَصْحَابنَا مَنْ قَالَ: لَا يَقُولهُ إِلَّا بَعْد الْفَرَاغ، وَهَذَا ضَعِيف مُخَالِف لِصَرِيحِ حَدِيث اِبْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا، وَلَا مُنَافَاة بَيْنه وَبَيْن الْحَدِيث الْأَوَّل حَدِيث اِبْن عُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا؛ لِأَنَّ هَذَا جَرَى فِي وَقْت وَذَلِكَ فِي وَقْت، وَكِلَاهُمَا صَحِيح قَالَ أَهْل اللُّغَة: الرِّحَال: الْمَنَازِل سَوَاء كَانَتْ مِنْ حَجَر وَمَدَر وَخَشَب، أَوْ شَعْر وَصُوف وَوَبَر وَغَيْرهَا، وَاحِدُهَا: رَحْل.

قَوْله: (نَادَى بِالصَّلَاةِ بِضَجْنَانِ) هُوَ بِضَادِ مُعْجَمَة مَفْتُوحَة ثُمَّ جِيم سَاكِنَة ثُمَّ نُون وَهُوَ جَبَل عَلَى بَرِيد مِنْ مَكَّة.

✯✯✯✯✯✯

‏1128- قَوْله: (إِنَّ الْجُمُعَة عَزْمَة) بِإِسْكَانِ الزَّاي، أَيْ وَاجِبَة مُتَحَتِّمَة، فَلَوْ قَالَ الْمُؤَذِّن: حَيّ عَلَى الصَّلَاة لَكُلِّفْتُمْ الْمَجِيء إِلَيْهَا وَلَحِقَتْكُمْ الْمَشَقَّة.

قَوْله: (كَرِهْت أَنْ أُحْرِجكُمْ) هُوَ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَة مِنْ الْحَرَج وَهُوَ الْمَشَقَّة، هَكَذَا ضَبَطْنَاهُ، وَهَكَذَا نَقَلَهُ الْقَاضِي عِيَاض عَنْ رِوَايَاتهمْ.

قَوْله: (فِي الطِّين وَالدَّحْض) بِإِسْكَانِ الْحَاء الْمُهْمَلَة وَبَعْدهَا ضَاد الْمُعْجَمَة، وَفِي الرِّوَايَة الْأَخِيرَة الدَّحْض وَالزَّلَل، هَكَذَا هُوَ بِاللَّامَيْنِ، وَالدَّحْض وَالزَّلَل وَالزَّلَق وَالرَّدْغ- بِفَتْحِ الرَّاء وَإِسْكَان الدَّال الْمُهْمَلَة وَبِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَة- كُلّه بِمَعْنَى وَاحِد.

 وَرَوَاهُ بَعْض رُوَاة مُسْلِم رَزَغ بِالزَّايِ بَدَل الدَّال بِفَتْحِهَا وَإِسْكَانهَا، وَهُوَ الصَّحِيح وَهُوَ بِمَعْنَى الرَّدْغ، وَقِيلَ: هُوَ الْمَطَر الَّذِي يَبُلّ وَجْه الْأَرْض.

قَوْله: (وَحَدَّثَنِيهِ أَبُو رَبِيع الْعَتَكِيّ) هُوَ الزَّهْرَانِيّ.

قَالَ الْقَاضِي: كَذَا وَقَعَ هُنَا جَمْع بَيْن الْعَتَكِيّ وَالزَّهْرَانِيّ، وَتَارَة يَقُول الْعَتَكِيّ فَقَطْ، وَتَارَة: الزَّهْرَانِيّ.

قَالَ: وَلَا يَجْتَمِع الْعَتَك وَزَهْرَان إِلَّا فِي جَدّهمَا؛ لِأَنَّهُمَا اِبْنَا عَمّ، وَلَيْسَ أَحَدهمَا مِنْ بَطْن الْآخَر؛ لِأَنَّ زَهْرَان بْن الْحَجْر بْن عِمْرَان بْن عُمَر، وَالْعَتَك بْن أَحْمَد بْن عَمْرو، وَقَدْ سَبَقَ التَّنْبِيه عَلَى هَذَا فِي أَوَائِل الْكِتَاب.

 وَفِي هَذَا الْحَدِيث دَلِيل عَلَى سُقُوط الْجُمُعَة بِعُذْرِ الْمَطَر وَنَحْوه، وَهُوَ مَذْهَبنَا وَمَذْهَب آخَرِينَ، وَعَنْ مَالِك رَحِمَهُ اللَّه تَعَالَى خِلَافه.

 وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.



۞۞۞۞۞۞۞۞

كتاب صلاة المسافرين ﴿ 3 ﴾ 

۞۞۞۞۞۞

۞۞


تعليقات