باب الصايل على نفس الانسان او عضوه اذا دفعه المصول عليه فاتلف نفسه او عضوه لا ضمان عليه
۞۞۞۞۞۞۞
باب الصايل على نفس الانسان او عضوه اذا دفعه المصول عليه فاتلف نفسه او عضوه لا ضمان عليه
3168- قَوْله: «قَاتَلَ يَعْلَى بْن مُنْيَة أَوْ اِبْن أُمَيَّة رَجُلًا فَعَضَّ أَحَدهمَا صَاحِبه فَانْتَزَعَ يَده مِنْ فيه فَنَزَعَ ثَنِيَّته فَاخْتَصَمَا إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: أَيَعَضُّ أَحَدُكُمْ كَمَا يَعَضُّ الْفَحْلُ لَا دِيَةَ لَهُ» وَفِي رِوَايَة: «أَنَّ أَجِيرًا لِيَعْلَى عَضَّ رَجُل ذِرَاعه».
أَمَّا (مُنْيَة) فَبِضَمِّ الْمِيم وَإِسْكَان النُّون وَبَعْدهَا يَاء مُثَنَّاة تَحْت، وَهِيَ أُمّ يَعْلَى، وَقِيلَ: جَدَّته.
وَأَمَّا (أُمَيَّة): فَهُوَ أَبُوهُ، فَيَصِحّ أَنْ يُقَال: يَعْلَى بْن أُمَيَّة، وَيَعْلَى بْن مُنْيَة، وَأَمَّا قَوْله: أَنَّ يَعْلَى هُوَ الْمَعْضُوض، وَفِي الرِّوَايَة الثَّانِيَة وَالثَّالِثَة أَنَّ الْمَعْضُوض أَجِير يَعْلَى لَا يَعْلَى؛ فَقَالَ الْحُفَّاظ: الصَّحِيح الْمَعْرُوف أَنَّهُ أَجِير يَعْلَى لَا يَعْلَى، وَيَحْتَمِل أَنَّهُمَا قَضِيَّتَانِ جَرَتَا لِيَعْلَى وَلِأَجِيرِهِ فِي وَقْت أَوْ وَقْتَيْنِ.
وَقَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَمَا يَعَضّ الْفَحْل» هُوَ بِالْحَاءِ، أَيْ الْفَحْل مِنْ الْإِبِل وَغَيْرهَا، وَهُوَ إِشَارَة إِلَى تَحْرِيم ذَلِكَ، وَهَذَا الْحَدِيث دَلَالَة لِمَنْ قَالَ: إِنَّهُ إِذَا عَضَّ رَجُل يَد غَيْره فَنَزَعَ الْمَعْضُوض يَده فَسَقَطَتْ أَسْنَان الْعَاضّ أَوْ فَكّ لِحْيَته لَا ضَمَان عَلَيْهِ، وَهَذَا مَذْهَب الشَّافِعِيّ وَأَبِي حَنِيفَة وَكَثِيرِينَ أَوْ الْأَكْثَرِينَ رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ، وَقَالَ مَالِك: يَضْمَن.
✯✯✯✯✯✯
3170- قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَقْضَمهَا كَمَا يَقْضَم الْفَحْل» هُوَ بِفَتْحِ الضَّاد فيهمَا عَلَى اللُّغَة الْفَصِيحَة، وَمَعْنَاهُ يَعَضّهَا، قَالَ أَهْل اللُّغَة: الْقَضْم بِأَطْرَافِ الْأَسْنَان.
✯✯✯✯✯✯
3171- قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا تَأْمُرنِي؟ تَأْمُرنِي أَنْ آمُرهُ أَنْ يَضَع يَده فِي فِيك تَقْضَمهَا كَمَا يَقْضِم الْفَحْل اِدْفَعْ يَدك حَتَّى يَعَضّهَا ثُمَّ اِنْتَزِعْهَا» لَيْسَ الْمُرَاد بِهَذَا أَمْره بِدَفْعِ يَده لِيَعَضّهَا، وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ الْإِنْكَار عَلَيْهِ، أَيْ إِنَّك لَا تَدَع يَدك فِي فيه يَعَضّهَا، فَكَيْفَ تُنْكِر عَلَيْهِ أَنْ يَنْتَزِع يَده مِنْ فِيك، وَتُطَالِبهُ بِمَا جَنَى فِي جَذْبه لِذَلِكَ؟ قَالَ الْقَاضِي: وَهَذَا الْبَاب مِمَّا تَتَبَّعَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ عَلَى مُسْلِم، لِأَنَّهُ ذَكَرَ أَوَّلًا حَدِيث شُعْبَة عَنْ قَتَادَةَ عَنْ زُرَارَة عَنْ عِمْرَان بْن حُصَيْنٍ، قَالَ: قَاتَلَ يَعْلَى، وَذَكَرَ مِثْله عَنْ مُعَاذ بْن هِشَام عَنْ أَبِيهِ عَنْ قَتَادَةَ، ثُمَّ عَنْ شُعْبَة عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عَطَاء عَنْ اِبْن يَعْلَى، ثُمَّ عَنْ هَمَّام عَنْ عَطَاء عَنْ اِبْن يَعْلَى، ثُمَّ حَدِيث اِبْن جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاء عَنْ اِبْن يَعْلَى، ثُمَّ حَدِيث مُعَاذ عَنْ أَبِيهِ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ بُدَيْل عَنْ عَطَاء بْن صَفْوَان بْن يَعْلَى، وَهَذَا اِخْتِلَاف عَلَى عَطَاء، وَذَكَرَ أَيْضًا حَدِيث قُرَيْش بْن يُونُس عَنْ اِبْن عَوْن عَنْ اِبْن سِيرِينَ عَنْ عِمْرَان، وَلَمْ يَذْكُر فيه نَوْعًا مِنْهُ وَلَا مِنْ اِبْن سِيرِينَ مِنْ عِمْرَان، وَلَمْ يُخَرِّج الْبُخَارِيّ لِابْنِ سِيرِينَ عَنْ عِمْرَان شَيْئًا.
وَاللَّهُ أَعْلَم.
قُلْت: الْإِنْكَار عَلَى مُسْلِم فِي هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ: أَحَدهمَا لَا يَلْزَم مِنْ الِاخْتِلَاف عَلَى عَطَاء ضَعْف الْحَدِيث، وَلَا مِنْ كَوْن اِبْن سِيرِينَ لَمْ يُصَرِّح بِالسَّمَاعِ مِنْ عِمْرَان وَلَا رَوَى لَهُ الْبُخَارِيّ عَنْهُ شَيْئًا أَنْ لَا يَكُون سَمِعَ مِنْهُ؛ بَلْ هُوَ مَعْدُود فِيمَنْ سَمِعَ مِنْهُ، وَالثَّانِي: لَوْ ثَبَتَ ضَعْف هَذَا الطَّرِيق لَمْ يَلْزَم مِنْهُ ضَعْف الْمَتْن؛ فَإِنَّهُ صَحِيح بِالطُّرُقِ الْبَاقِيَة الَّتِي ذَكَرَهَا مُسْلِم، وَقَدْ سَبَقَ مَرَّات أَنَّ مُسْلِمًا يَذْكُر فِي الْمُتَابَعَات مَنْ هُوَ دُون شَرْط الصَّحِيح.
وَاللَّهُ أَعْلَم.
۞۞۞۞۞۞۞۞
كتاب القسامة والمحاربين والقصاص والديات ﴿ 4 ﴾
۞۞۞۞۞۞۞۞