باب الحاء والصاد وما يثلثهما
باب الحاء والصاد وما يثلثهما
(حصف) الحاء والصاد والفاء أصلٌ واحد، وهو تشدُّدٌ يكون في الشيءِ وصلابةٌ وقوَّة.
فيقال لرَكانة العقْل حصافة، وللعَدْوِ الشديد إحصاف.
يقال فرسٌ مِحْصَفٌ وناقة مِحْصافٌ.
ويقال كتيبة محصوفةٌ، إذا تَجمَّع أصحابُها وقلّ الخَلَل فيهم.
قال الأعشى:
تأوِي طوائِفُها إلى مَحْصُوفة
***
مكروهةٍ يخشى الكماةُ نِزالَها
ويقال "مخصوفة"، وهذا له قياسٌ آخر وقد ذكر في بابه.
ويقال استحصَفَ على بني فلانٍ الزّمانُ، إذا اشتدّ.
وفرْجٌ مستحصِفٌ.
وقال:
وإذا طعنتَ طعنتَ في مستَحْصِفٍ
***
رابي المَجَسَّةِ بالعبير مُقَرْمَدِ والحَصَف:
بَثْر صِغارٌ يَستحصِف لها الجِلْد.
(حصل) الحاء والصاد واللام أصلٌ واحد منقاس، وهو جمع الشيء، ولذلك سمِّيت حَوصلةُ *الطائر؛ لأنّه يجمع فيها.
ويقال حصَّلت الشيءَ تحصيلا.
وزعم ناسٌ من أهل اللغة أنّ أصل التحصيل استخراجُ الذهب أو الفضّة من الحجر أو من تراب المَعدِن؛
ويقال لفاعله المحصِّل.
قال:
ألا رجلٌ جزاهُ الله خيراً
***
يدلُّ على محصِّلة تُبِيتُ فإن كان كذا فهو القياسُ، والباب كلُّه محمول عليه.
والحَصَل:
البلح قبل أن يشتدّ ويظهر ثَفارِيقُه، الواحدةُ حَصَلة.
قال:
* ينحَتُّ منهُنّ السَّدَى والحَصْلُ * السّدَى:
البَلَح الذاوي، الواحدة سَداة.
وهذا أيضاً من الباب، أعني الحصَل، لأنه حُصِّل من النخلة.
ومما شذّ عن الباب وما أدري ممّ اشتقاقه، قولهم:
حَصِلَ الفرسُ، إذا اشتكى بَطْنَهُ عن أكل التُّراب.
(حصم) الحاء والصاد والميم أصلٌ قليل الكَلِم، إلاّ أنه تكسُّر في الشيء، يقال:
انحصم العود، إذا انكسر.
قال ابن مُقْبل:
وبيَاضاً أحدثَتْه لِمَّتِي
***
مثلَ عيدانِ الحَصاد المنحَصِمْ ومما اشتقّ منه حُصام الدّابة، وهو رُدَامه.
والقياس قريب.
(حصن) الحاء والصاد والنون أصلٌ واحد منقاس، وهو الحفظ والحِياطة والحِرز.
فالحِصن معروف، والجمع حصون.
والحاصِن والحَصَان:
المرأة المتعفِّفة الحاصنةُ فرْجَها.
قال:
فَمَا ولَدتْنِي حاصِنٌ رَبَعِيّةٌ
***
لئن أنا مالأْتُ الهوى لاتِّباعِها وقال حسّان في الحَصان:
حَصَانٌ رَزَانٌ ما تُزَنُّ برِيبَةٍ
***
وتُصبح غَرْثَى من لحوم الغَوافِل والفعل من هذا حَصُن.
قال أحمد بن يحيى ثعلب:
كلّ امرأةٍ عفيفة فهي مُحْصَنة ومُحْصِنة، وكل امرأة متزوِّجةٍ فهي محصَنة لا غير.
قال:
ويقال لكلِّ ممنوعٍ مُحْصَن، وذكر ناسٌ أنّ القُفْل يسمَّى مُحْصَناً.
ويقال أحْصَنَ الرّجُل فهو مُحْصَنٌ.
وهذا أحدُ ما جاء على أفعل فهو مُفْعَل.
(حصو/ي) الحاء والصاد والحرف المعتل ثلاثة أصول:
الأول المنع، والثاني العَدُّ والإطاقة، والثالث شيءٌ من أجزاء الأرض.
فالأوَّل الحصو.
قال الشيبانيّ:
هو المنع؛ يقال حصوته أي منعته.
قال:
ألا تخافُ الله إذْ حَصَوْتني
***
حقِّي بلا ذنبٍ وإذْ عَنَّنْتَني والأصل الثاني:
أحصيت الشيءَ، إذا عَدَدْته وأطْقته.
قال الله تعالى:
{عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ} [المزمل 20].
وقال تعالى:
{أَحْصَاهُ اللهُ وَنَسُوهُ} [المجادلة 6].
والأصل الثالث:
الحصى، وهو معروف.
يقال أرضٌ مَحْصاةٌ، إذا كانت ذاتَ حصَى.
وقد قيل حَصِيتْ تَحْصَى.
ومما اشتقّ منه الحصاة؛ يقال ما له حصاةٌ، أي ما له عقل.
وهو من هذا؛ لأن في الحصى قوةً وشدّة.
والحصاة:
العقل، لأنّ به تماسُكَ الرّجل وقوّة نفسه.
قال:
وإنّ لسانَ المرءِ مالم تكن له
***
حَصاةٌ على عَوْراته لدَلِيلُ
ويقال لكلِّ قطعةٍ من المسك حَصَاة؛ فهذا تشبيهٌ لا قياس.
وإذا هُمِز فأصْله تجمُّع الشيء؛ يقال أحصأتُ الرّجلَ، إذا أروَيته من الماء، وحَصِئَ هو.
ويقال حَصأ الصبيُّ من اللبن، إذا ارتضَعَ حتى تمتلئَ مَعِدته، وكذلك الجَدْي.
(حصب) الحاء والصاد والباء أصلٌ واحد، وهو جنسٌ من أجزاء الأرض، ثم يشتقّ منه، وهو الحصباء، وذلك جنسٌ من الحَصَى.
ويقال حَصَبْتُ الرّجلَ بالحَصبَاء.
وريحٌ حاصب، إذا أتَتْ بالغُبار.
فأمّا الحَصْبَةُ فَبثْرةٌ تخرج بالجَسدِ، وهو مشبَّه بالحَصْباء.
فأمَّا المُحَصَّب بمِنىً فهو موضع الجِمار.
قال ذو الرمة:
أرى ناقتي عند المحصَّب شاقَها
***
رَواحُ اليَمانِي والهديلُ المُرجَّعُ يريد نفر اليمانينَ حين ينْصرفون.
والهديل هاهنا:
أصوات الحمام.
أراد أنّها ذَكَرت الطير في أهلها فحنّت إليها.
ومن الباب الإحصاب:
أن يُثِير الإنسانُ الحصَى في عَدْوِه.
ويقال أرض مَحْصَبَةٌ، ذاتُ حَصْباء.
فأمّا قولُهم حَصَّب القوم عن صاحبهم *يُحَصِّبون، فذلك تَوَلِّيهِمْ عنه مسرِعين كالحاصب، وهي الريح الشديدة.
فهذا محمولٌ على الباب.
ويقال إنّ الحصِبَ من الألبان الذي لا يُخرِج زُبدَه، فذلك من الباب أيضاً؛ لأنه كأنه من بَرْده يشتدّ حتى يصير كالحصباء فلا يُخرج زُبْداً.
(حصد) الحاء والصاد والدال أصلان:
[أحدهما] قطْع الشيء، والآخر إحكامه.
وهما متفاوتان.
فالأول حصدتُ الزّرعَ وغيرَه حَصْدا.
وهذا زمَنُ الحَصاد والحِصاد.
وفي الحديث:
"وهَلْ يكُبُّ الناسَ على مَناخِرِهم في النار إلا حصائدُ ألسنتهم".
فإن الحصائد جمع حَصِيدة، وهو كلُّ شيءٍ قيل في الناس باللِّسان وقُطِع به عليهم.
ويقال حَصَدْتُ واحتصَدْت، والرجل محتصِد.
قال:
إنما نحنُ مِثلُ خامةِ زَرْعٍ
***
فمتى يَأْنِ يَأْتِ محتصِدُهْ والأصل الآخر قولهم حَبْلٌ مُحْصَدٌ، أي مُمَرٌّ مفتول.
ومن الباب شجرةٌ حَصْداء، أي كثيرة الورق؛ ودِرْع حصداء:
مُحْكَمة؛ واستحصدَ القومُ، إذا اجتَمَعوا.
(حصر) الحاء والصاد والراء أصلٌ واحد، وهو الجمع والحَبْس والمنع.
قال أبو عمرو:
الحَصِير الجَنْبُ.
قال الأصمعيّ:
الحصير ما بين العِرْق الذي يظهر في جنب البعير والفَرَس معترضاً، فما فوقه إلى منقطع الجنب فهو الحصير.
وأيَّ ذلك [كان] فهو من الذي ذكرناه من الجَمْع، لأنّه مجمع الأضلاع.
والحَِصر:
العَيُّ، كأنَّ الكلام حُبِس عنه ومُنِع منه.
والحَصَر:
ضِيقُ الصَّدْر.
ومن الباب الحُصْر، وهو اعتقال البَطْن؛ يقال منه حُصِر وأُحْصِر.
والناقة الحَصُور، وهي الضيِّقة الإحليل؛ والقياس واحد.
فأمَّا الإحصار فأن يُحْصَرَ الحاجُّ عن البيت بمرضٍ أو نحوه.
وناسٌ يقولون:
حَصَره المرض وأحصره العدُوّ.
وروى أبو عبيدٍ عن أبي عمرو:
حَصَرَني الشيء وأحصرني، إذا حبَسني، وذكر قول ابنِ ميّادة:
وما هَجْرُ ليلَى أن تكون تباعدَتْ
***
عَليكَ ولا أَنْ أَحْصَرتْكَ شُغُولُ والكلام في حَصَره وأحصره، مشتبهٌ عندي غايةَ الاشتباه؛ لأنّ ناساً يجمعون بينهما وآخرون يَفْرِقون، وليس فَرْقُ مَنْ فَرَقَ بينَ ذلك ولا جَمْعُ مَن جمعَ ناقضاً القياسَ الذي ذكرناه، بل الأمرُ كلُّه دالٌّ على الحبْس.
ومن الباب الحَصُور الذي لا يأتي النِّساء؛ فقال قوم:
هو فَعول بمعنى مفعول، كأنّه حَصِر أي حُبِس.
وقال آخرون:
هو الذي يأبَى النساء كأنّه أحجَمَ هو عنهنَّ، كما يقال رجل حَصُورٌ، إذا حَبَس رِفدَه ولم يُخْرِجْ ما يخرجه النّدامَى.
قال الأخطل:
وشاربٍ مُرْبِحٍ بالكأسِ نادَمَني
***
لا بالحَصُور ولا فيها بِسَوَّارِ ومن الباب الحَصِر بالسِّرّ، وهو الكتوم له.
قال جرير:
ولقد تَسقَّطَنِي الوُشاةُ فصادَفُوا
***
حَصِراً بِسرِّكِ يا أمَيْمَ ضَنِينا والحصير في قولـه عز وجل:
{وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ للكافِرِينَ حَصِيراً} [الإسراء 8]، وهو المحْبِس.
والحصير في قول لبيد:
* لَدَى باب الحَصيرِ قيامُ * هو الملك.
والحصَار:
وِسادةٌ تحشَى وتجعل لقادمة الرَّحْل؛ يقال احتَصَرْت البعير احتصارا.
باب الحاء والصاد وما يثلثهما
باب الحاء والصاد وما يثلثهما
باب الحاء والصاد وما يثلثهما