باب بيان جواز التحلل بالاحصار وجواز القران
باب بيان جواز التحلل بالاحصار وجواز القران
2164- قَوْله: «صَنَعْنَا كَمَا صَنَعْنَا مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخَرَجَ فَأَهَلَّ بِعُمْرَةٍ» فَالصَّوَاب فِي مَعْنَاهُ أَنَّهُ أَرَادَ إِنْ صُدِدْت وَحُصِرْت تَحَلَّلْت كَمَا تَحَلَّلْنَا عَام الْحُدَيْبِيَة مَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَقَالَ الْقَاضِي: يَحْتَمِل أَنَّهُ أَرَادَ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ كَمَا أَهَلَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعُمْرَةٍ فِي الْعَام الَّذِي أُحْصِرَ.
قَالَ: وَيَحْتَمِل أَنَّهُ أَرَادَ الْأَمْرَيْنِ.
قَالَ: وَهُوَ الْأَظْهَر.
وَلَيْسَ هُوَ بِظَاهِرٍ كَمَا اِدَّعَاهُ، بَلْ الصَّحِيح الَّذِي يَقْتَضِيه سِيَاق كَلَامه مَا قَدَّمْنَاهُ وَاَللَّه أَعْلَم.
قَوْله: (عَنْ نَافِع أَنَّ عَبْد اللَّه بْن عُمَر خَرَجَ فِي الْفِتْنَة مُعْتَمِرًا وَقَالَ: إِنْ صُدِدْت عَنْ الْبَيْت صَنَعْنَا كَمَا صَنَعْنَا مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَخَرَجَ فَأَهَلَّ بِعُمْرَةٍ وَسَارَ حَتَّى إِذَا ظَهَرَ عَلَى الْبَيْدَاء اِلْتَفَتَ إِلَى أَصْحَابه فَقَالَ: مَا أَمْرهمَا إِلَّا وَاحِد أُشْهِدكُمْ أَنِّي قَدْ أَوْجَبْت الْحَجّ مَعَ الْعُمْرَة، فَخَرَجَ حَتَّى إِذَا جَاءَ الْبَيْت طَافَ سَبْعًا، وَبَيْن الصَّفَا وَالْمَرْوَة سَبْعًا، لَمْ يَزِدْ، وَرَأَى أَنَّهُ مُجْزِئ عَنْهُ وَأَهْدَى).
فِي هَذَا الْحَدِيث جَوَاز الْقِرَان، وَجَوَاز إِدْخَال الْحَجّ عَلَى الْعُمْرَة قَبْل الطَّوَاف، وَهُوَ مَذْهَبنَا وَمَذْهَب جَمَاهِير الْعُلَمَاء، وَسَبَقَ بَيَان الْمَسْأَلَة، وَفيه جَوَاز التَّحَلُّل بِالْإِحْصَارِ.
وَأَمَّا قَوْله: (أُشْهِدكُمْ) فَإِنَّمَا قَالَهُ لِيَعْلَمهُ مَنْ أَرَادَ الِاقْتِدَاء بِهِ، فَلِهَذَا قَالَ: (أُشْهِدكُمْ)، وَلَمْ يَكْتَفِ بِالنِّيَّةِ مَعَ أَنَّهَا كَافِيَة فِي صِحَّة الْإِحْرَام.
وَقَوْله: (مَا أَمْرهمَا إِلَّا وَاحِد) يَعْنِي فِي جَوَاز التَّحَلُّل مِنْهُمَا بِالْإِحْصَارِ، وَفيه صِحَّة الْقِيَاس وَالْعَمَل بِهِ، وَأَنَّ الصَّحَابَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ كَانُوا يَسْتَعْمِلُونَهُ، فَلِهَذَا قَاسَ الْحَجّ عَلَى الْعُمْرَة لِأَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا تَحَلَّلَ مِنْ الْإِحْصَار عَام الْحُدَيْبِيَة مِنْ إِحْرَامه بِالْعُمْرَةِ وَحْدهَا.
وَفيه أَنَّ الْقَارِن يَقْتَصِر عَلَى طَوَاف وَاحِد وَسَعْي وَاحِد هُوَ مَذْهَبنَا وَمَذْهَب الْجُمْهُور، وَخَالَفَ فيه أَبُو حَنِيفَة وَطَائِفَةٌ وَسَبَقَتْ الْمَسْأَلَة.
✯✯✯✯✯✯
2165- قَوْله: «حَتَّى حَلَّ مِنْهُمَا بِحَجَّةٍ يَوْم النَّحْر» مَعْنَاهُ حَتَّى أَهَلَّ مِنْهُمَا يَوْم النَّحْر بِعَمَلِ حَجَّة مُفْرَدَة.
باب بيان جواز التحلل بالاحصار وجواز القران