باب رحمته صلى الله عليه وسلم الصبيان والعيال وتواضعه وفضل ذلك
باب رحمته صلى الله عليه وسلم الصبيان والعيال وتواضعه وفضل ذلك
4279- قَوْله: «عَنْ أَنَس بْن مَالِك قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وُلِدَ لِي اللَّيْلَة غُلَام فَسَمَّيْته بِاسْمِ أَبِي إِبْرَاهِيم ثُمَّ دَفَعَهُ إِلَى أُمّ سَيْف اِمْرَأَة قَيْن يُقَال لَهُ أَبُو سَيْف، فَانْطَلَقَ يَأْتِيه، وَاتَّبَعْته إِلَى آخِره» (الْقَيْن) بِفَتْحِ الْقَاف الْحَدَّاد.
وَفيه جَوَاز تَسْمِيَة الْمَوْلُود يَوْم وِلَادَته، وَجَوَاز التَّسْمِيَة بِأَسْمَاءِ الْأَنْبِيَاء صَلَوَات اللَّه عَلَيْهِمْ وَسَلَامه، وَسَبَقَتْ الْمَسْأَلَتَانِ فِي بَابهمَا.
وَفيه اِسْتِتْبَاع الْعَالِم وَالْكَبِير بَعْض أَصْحَابه إِذَا ذَهَبَ إِلَى مَنْزِل قَوْم وَنَحْوه.
وَفيه الْأَدَب مَعَ الْكِبَار.
قَوْله: «وَهُوَ يَكِيد بِنَفْسِهِ» أَيْ يَجُود بِهَا، وَمَعْنَاهُ: وَهُوَ فِي النَّزْع.
قَوْله: «فَدَمَعَتْ عَيْنَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى آخِره» فيه جَوَاز الْبُكَاء عَلَى الْمَرِيض وَالْحُزْن، وَأَنَّ ذَلِكَ لَا يُخَالِف الرِّضَا بِالْقَدَرِ، بَلْ هِيَ رَحْمَة جَعَلَهَا اللَّه فِي قُلُوب عِبَاده، وَإِنَّمَا الْمَذْمُوم النَّدْب وَالنِّيَاحَة، وَالْوَيْل وَالثُّبُور، وَنَحْو ذَلِكَ مِنْ الْقَوْل الْبَاطِل، وَلِهَذَا قَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَلَا نَقُول إِلَّا مَا يُرْضِي رَبّنَا».
✯✯✯✯✯✯
4280- قَوْله: «مَا رَأَيْت أَحَدًا أَرْحَم بِالْعِيَالِ مِنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ: وَكَانَ إِبْرَاهِيم مُسْتَرْضِعًا فِي عَوَالِي الْمَدِينَة» إِلَى قَوْله: «فَيَأْخُذهُ فَيُقَبِّلُهُ» أَمَّا (الْعَوَالِي) فَالْقُرَى الَّتِي عِنْد الْمَدِينَة.
وَقَوْله: (أَرْحَم بِالْعِيَالِ) هَذَا هُوَ الْمَشْهُور الْمَوْجُود فِي النُّسَخ وَالرِّوَايَات.
قَالَ الْقَاضِي: وَفِي بَعْض الرِّوَايَات (بِالْعِبَادِ).
فَفيه بَيَان كَرِيم خُلُقه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَحْمَته لِلْعِيَالِ وَالضُّعَفَاء.
وَفيه فَضِيلَة رَحْمَة الْعِيَال وَالْأَطْفَال وَتَقْبِيلهمْ.
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَإِنَّهُ مَاتَ فِي الثَّدْي وَإِنَّ ظِئْرَيْنِ تُكَمِّلَانِ رَضَاعه فِي الْجَنَّة» مَعْنَاهُ مَاتَ وَهُوَ فِي سِنّ رَضَاع الثَّدْي، أَوْ فِي حَال تَغَذِّيه بِلَبَنِ الثَّدْي.
وَأَمَّا (ظِئْر) فَبِكَسْرِ الظَّاء مَهْمُوزَة، وَهِيَ الْمُرْضِعَة وَلَد غَيْرهَا، وَزَوْجهَا ظِئْر لِذَلِكَ الرَّضِيع.
فَلَفْظَة (الظِّئْر) تَقَعُ عَلَى الْأُنْثَى وَالذَّكَر.
وَمَعْنَى: «تُكَمِّلَانِ رَضَاعه» أَيْ تُتِمَّانِهِ سَنَتَيْنِ، فَإِنَّهُ تُوُفِّيَ وَلَهُ سِتَّة عَشَر شَهْرًا، أَوْ سَبْعَة عَشَر، فَتُرْضِعَانِهِ بَقِيَّة السَّنَتَيْنِ، فَإِنَّهُ تَمَام الرَّضَاعَة بِنَصِّ الْقُرْآن.
قَالَ صَاحِب التَّحْرِير: وَهَذَا الْإِتْمَام لِإِرْضَاعِ إِبْرَاهِيم رَضِيَ اللَّه عَنْهُ يَكُونُ عَقِبَ مَوْته، فَيَدْخُلُ الْجَنَّة مُتَّصِلًا بِمَوْتِهِ، فَيُتِمُّ فيها رَضَاعه كَرَامَة لَهُ وَلِأَبِيهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ الْقَاضِي: وَاسْم أَبِي سَيْف هَذَا الْبَرَاء، وَاسْم أُمّ سَيْف زَوْجَته خَوْلَة بِنْت الْمُنْذِر الْأَنْصَارِيَّة، كُنْيَتُهَا أُمّ سَيْف، وَأُمّ بُرْدَة.
✯✯✯✯✯✯
4282- قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّهُ مَنْ لَا يَرْحَم لَا يُرْحَم» وَفِي رِوَايَة: «مَنْ لَا يَرْحَم النَّاس لَا يَرْحَمهُ اللَّه» قَالَ الْعُلَمَاء: هَذَا عَامّ يَتَنَاوَل رَحْمَة الْأَطْفَال وَغَيْرهمْ.
✯✯✯✯✯✯
4283- قَوْله: (عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ) بِفَتْحِ الظَّاء وَكَسْرهَا.
باب رحمته صلى الله عليه وسلم الصبيان والعيال وتواضعه وفضل ذلك
۞۞۞۞۞۞۞۞
كتاب الفضائل ﴿ 15 ﴾
۞۞۞۞۞۞۞۞