سجل وابدأ الربح
📁 آخر الأخبار

باب التعوذ من شر ما عمل ومن شر ما لم يعمل

 

 باب التعوذ من شر ما عمل ومن شر ما لم يعمل

 باب التعوذ من شر ما عمل ومن شر ما لم يعمل


4891- قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذ بِك مِنْ شَرِّ مَا عَمِلْت، وَمِنْ شَرِّ مَا لَمْ أَعْمَل» قَالُوا: مَعْنَاهُ: مِنْ شَرِّ مَا اِكْتَسَبْته مِمَّا قَدْ يَقْتَضِي عُقُوبَة فِي الدُّنْيَا، أَوْ يَقْتَضِي فِي الْآخِرَة، وَإِنْ لَمْ أَكُنْ قَصَدْته، وَيَحْتَمِل أَنَّ الْمُرَاد تَعْلِيم الْأُمَّة الدُّعَاء.

✯✯✯✯✯✯

‏4892- قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهُمَّ لَك أَسْلَمْت وَبِك آمَنْت» مَعْنَاهُ: لَك اِنْقَدْت، وَبِك صَدَّقْت، وَفيه: إِشَارَة إِلَى الْفَرْق بَيْن الْإِيمَان وَالْإِسْلَام، وَقَدْ سَبَقَ إِيضَاحه فِي أَوَّل كِتَاب الْإِيمَان.

وَقَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَعَلَيْك تَوَكَّلْت» أَيْ: فَوَّضْت أَمْرِي إِلَيْك.

«وَإِلَيْك أَنَبْت» أَيْ: أَقْبَلْت بِهِمَّتِي وَطَاعَتِي، وَأَعْرَضْت عَمَّا سِوَاك.

«وَبِك خَاصَمْت» أَيْ: بِك أَحْتَجّ وَأُدَافِع وَأُقَاتِل.

✯✯✯✯✯✯

‏4895- قَوْله: «أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا كَانَ فِي سَفَر وَأَسْحَرَ يَقُول: سَمِعَ سَامِع بِحَمْدِ اللَّه وَحُسْن بَلَائِهِ، رَبّنَا صَاحِبْنَا وَأَفْضِلْ عَلَيْنَا عَائِذًا بِاَللَّهِ مِنْ النَّار» أَمَّا (أَسْحَرَ) فَمَعْنَاهُ قَامَ فِي السَّحَر، أَوْ اِنْتَهَى فِي سَيْره إِلَى السَّحَر، وَهُوَ آخِر اللَّيْل.

وَأَمَّا (سَمِعَ سَامِع) فَرُوِيَ بِوَجْهَيْنِ: أَحَدهمَا: فَتْح الْمِيم مِنْ (سَمِعَ) وَتَشْدِيدهَا، وَالثَّانِي: كَسْرهَا مَعَ تَخْفِيفهَا، وَاخْتَارَ الْقَاضِي هُنَا وَفِي الْمَشَارِق وَصَاحِب الْمَطَالِع التَّشْدِيد، وَأَشَارَ إِلَى أَنَّهُ رِوَايَة أَكْثَر رُوَاة مُسْلِم، قَالَا: وَمَعْنَاهُ بَلَّغَ سَامِع قَوْلِي هَذَا لِغَيْرِهِ، وَقَالَ مِثْله، تَنْبِيهًا عَلَى الذِّكْر فِي السَّحَر، وَالدُّعَاء فِي ذَلِكَ، وَضَبَطَهُ الْخَطَّابِيُّ وَآخَرُونَ بِالْكَسْرِ وَالتَّخْفِيف، قَالَ الْخَطَّابِيُّ: مَعْنَاهُ: شَهِدَ شَاهِد عَلَى حَمْدنَا لِلَّهِ تَعَالَى عَلَى نِعَمه وَحُسْن بَلَائِهِ.

وَقَوْله: «رَبّنَا صَاحِبْنَا وَأَفْضِلْ عَلَيْنَا» أَيْ: اِحْفَظْنَا وَحُطْنَا وَاكْلَأْنَا، وَأَفْضِلْ عَلَيْنَا بِجَزِيلِ نِعَمك، وَاصْرِفْ عَنَّا كُلّ مَكْرُوه.

وَقَوْله: «عَائِذًا بِاَللَّهِ مِنْ النَّار» مَنْصُوب عَلَى الْحَال أَيْ: أَقُول هَذَا فِي حَال اِسْتِعَاذَتِي وَاسْتِجَارَتِي بِاَللَّهِ مِنْ النَّار.

✯✯✯✯✯✯

‏4896- قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهُمَّ اِغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي وَجَهْلِي وَإِسْرَافِي إِلَى قَوْله وَكُلّ ذَلِكَ عِنْدِي» أَيْ: أَنَا مُتَّصِف بِهَذِهِ الْأَشْيَاء، اِغْفِرْهَا لِي، قِيلَ: قَالَهُ تَوَاضُعًا وَعَدَّ عَلَى نَفْسه فَوَات الْكَمَال ذُنُوبًا، وَقِيلَ: أَرَادَ مَا كَانَ عَنْ سَهْو وَقِيلَ: مَا كَانَ قَبْل النُّبُوَّة، وَعَلَى كُلّ حَال فَهُوَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَغْفُور لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبه وَمَا تَأَخَّرَ، فَدَعَا بِهَذَا وَغَيْره تَوَاضُعًا، لِأَنَّ الدُّعَاء عِبَادَة، قَالَ أَهْل اللُّغَة: الْإِسْرَاف مُجَاوَزَة الْحَدّ.

قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنْتَ الْمُقَدِّم وَأَنْتَ الْمُؤَخِّر» يُقَدِّم مَنْ يَشَاء مِنْ خَلْقه إِلَى رَحْمَته بِتَوْفِيقِهِ، وَيُؤَخِّر مَنْ يَشَاء عَنْ ذَلِكَ لِخِذْلَانِهِ.

✯✯✯✯✯✯

‏4898- قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلك الْهُدَى وَالتُّقَى وَالْعَفَاف وَالْغِنَى» أَمَّا (الْعَفَاف وَالْعِفَّة) فَهُوَ: التَّنَزُّه عَمَّا يُبَاح، وَالْكَفّ عَنْهُ، (وَالْغِنَى)هُنَا غِنَى النَّفْس، وَالِاسْتِغْنَاء عَنْ النَّاس، وَعَمَّا فِي أَيْدِيهمْ.

✯✯✯✯✯✯

‏4899- قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهُمَّ آتِ نَفْسِي تَقْوَاهَا، وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْر مَنْ زَكَّاهَا، أَنْتَ وَلِيّهَا وَمَوْلَاهَا، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذ بِك مِنْ عِلْم لَا يَنْفَع، وَمِنْ قَلْب لَا يَخْشَع، وَمِنْ نَفْس لَا تَشْبَع» هَذَا الْحَدِيث وَغَيْره مِنْ الْأَدْعِيَة الْمَسْجُوعَة دَلِيل لِمَا قَالَهُ الْعُلَمَاء، أَنَّ السَّجْع الْمَذْمُوم فِي الدُّعَاء هُوَ الْمُتَكَلَّف، فَإِنَّهُ يُذْهِب الْخُشُوع وَالْخُضُوع وَالْإِخْلَاص، وَيُلْهِي عَنْ الضَّرَاعَة وَالِافْتِقَار وَفَرَاغ الْقَلْب، فَأَمَّا مَا حَصَلَ بِلَا تَكَلُّف وَلَا إِعْمَال فِكْر لِكَمَالِ الْفَصَاحَة وَنَحْو ذَلِكَ، أَوْ كَانَ مَحْفُوظًا فَلَا بَأْس بِهِ، بَلْ هُوَ حَسَن، وَمَعْنَى: «نَفْس لَا تَشْبَع»: اِسْتِعَاذَة مِنْ الْحِرْص وَالطَّمَع وَالشَّرَه، وَتَعَلُّق النَّفْس بِالْآمَالِ الْبَعِيدَة.

 وَمَعْنَى: «زَكِّهَا»: طَهِّرْهَا، وَلَفْظَة (خَيْر) لَيْسَتْ لِلتَّفْضِيلِ، بَلْ مَعْنَاهُ: لَا مُزَكِّي لَهَا إِلَّا أَنْتَ، كَمَا قَالَ: أَنْتَ وَلِيّهَا.

✯✯✯✯✯✯

‏4900- قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذ بِك مِنْ الْكَسَل وَسُوء الْكِبَر» قَالَ الْقَاضِي: رَوَيْنَاهُ (الْكِبَر) بِإِسْكَانِ الْبَاء وَفَتْحهَا، فَالْإِسْكَان بِمَعْنَى: التَّعَاظُم عَلَى النَّاس، وَالْفَتْح بِمَعْنَى: الْهَرَم وَالْخَرَف وَالرَّدّ إِلَى أَرْذَل الْعُمْر، كَمَا فِي الْحَدِيث الْآخَر، قَالَ الْقَاضِي: وَهَذَا أَظْهَر وَأَشْهَر مِمَّا قَبْله، قَالَ: وَبِالْفَتْحِ ذَكَرَهُ الْهَرَوِيُّ، وَبِالْوَجْهَيْنِ ذَكَرَهُ الْخَطَّابِيُّ، وَصَوَّبَ الْفَتْح وَتُعَضِّدهُ رِوَايَة النَّسَائِيِّ وَسُوء الْعُمُر.

✯✯✯✯✯✯

‏4903- قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَغَلَبَ الْأَحْزَاب وَحْده» أَيْ: قَبَائِل الْكُفَّار الْمُتَحَزِّبِينَ عَلَيْهِمْ وَحْده، أَيْ: مِنْ غَيْر قِتَال الْآدَمِيِّينَ، بَلْ أَرْسَلَ عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا.

قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَلَا شَيْء بَعْده» أَيْ سِوَاهُ.

✯✯✯✯✯✯

‏4904- قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قُلْ: اللَّهُمَّ اِهْدِنِي وَسَدِّدْنِي، وَاذْكُرْ بِالْهُدَى هِدَايَتك الطَّرِيق، وَالسَّدَاد سَدَاد السَّهْم» أَمَّا (السَّدَاد) هُنَا بِفَتْحِ السِّين، وَسَدَاد السَّهْم: تَقْوِيمه، وَمَعْنَى: «سَدِّدْنِي»: وَفِّقْنِي وَاجْعَلْنِي مُنْتَصِبًا فِي جَمِيع أُمُورِي مُسْتَقِيمًا، وَأَصْل السَّدَاد الِاسْتِقَامَة وَالْقَصْد فِي الْأُمُور، وَأَمَّا الْهُدَى هُنَا فَهُوَ الرَّشَاد وَيُذَكَّر وَيُؤَنَّث، وَمَعْنَى: «اُذْكُرْ بِالْهُدَى هِدَايَتك الطَّرِيق وَالسَّدَاد سَدَاد السَّهْم» أَيْ: تَذَكَّر فِي حَال دُعَائِك بِهَذَيْنِ اللَّفْظَيْنِ، لِأَنَّ هَادِي الطَّرِيق لَا يَزِيغ عَنْهُ، وَمُسَدَّد السَّهْم يَحْرِص عَلَى تَقْوِيمه، وَلَا يَسْتَقِيم رَمْيه حَتَّى يُقَوِّمهُ، وَكَذَا الدَّاعِي يَنْبَغِي أَنْ يَحْرِص عَلَى تَسْدِيد عِلْمه وَتَقْوِيمه، وَلُزُومه السُّنَّة، وَقِيلَ: لِيَتَذَكَّر بِهَذَا لَفْظ السَّدَاد وَالْهُدَى لِئَلَّا يَنْسَاهُ.


 باب التعوذ من شر ما عمل ومن شر ما لم يعمل


۞۞۞۞۞۞۞۞

كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار ﴿ 18 ﴾ 

۞۞۞۞۞۞۞۞



تعليقات