📁 آخر الأخبار

باب ثبوت خيار المجلس للمتبايعين

 

 باب ثبوت خيار المجلس للمتبايعين

 باب ثبوت خيار المجلس للمتبايعين


2821- قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْبَيِّعَانِ كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا بِالْخِيَارِ عَلَى صَاحِبه مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا إِلَّا بَيْع الْخِيَار» هَذَا الْحَدِيث دَلِيل لِثُبُوتِ خِيَار الْمَجْلِس لِكُلِّ وَاحِد مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ بَعْد اِنْعِقَاد الْبَيْع حَتَّى يَتَفَرَّقَا مِنْ ذَلِكَ الْمَجْلِس بِأَبْدَانِهِمَا، وَبِهَذَا قَالَ جَمَاهِير الْعُلَمَاء مِنْ الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ.

 وَمَنْ بَعْدهمْ مِمَّنْ قَالَ بِهِ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب وَابْن عُمَر وَابْن عَبَّاس وَأَبُو هُرَيْرَة وَأَبُو بَرْزَة الْأَسْلَمِيّ وَطَاوُس وَسَعِيد بْن الْمُسَيِّب وَعَطَاء وَشُرَيْح الْقَاضِي وَالْحَسَن الْبَصْرِيّ وَالشَّعْبِيّ وَالزُّهْرِيّ وَالْأَوْزَاعِيّ وَابْن أَبِي ذِئْب وَسُفْيَان بْن عُيَيْنَةَ وَالشَّافِعِيّ وَابْن الْمُبَارَك وَعَلِيّ بْن الْمَدِينِيّ وَأَحْمَد بْن حَنْبَل وَإِسْحَاق بْن رَاهْوَيْهِ وَأَبُو ثَوْر وَأَبُو عُبَيْد وَالْبُخَارِيّ وَسَائِر الْمُحَدِّثِينَ وَآخَرُونَ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَة وَمَالِك: لَا يَثْبُت خِيَار الْمَجْلِس بَلْ يَلْزَم الْبَيْع بِنَفْسِ الْإِيجَاب وَالْقَبُول.

 وَبِهِ قَالَ رَبِيعَة وَحُكِيَ عَنْ النَّخَعِيُّ وَهُوَ رِوَايَة عَنْ الثَّوْرِيّ.

وَهَذِهِ الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة تَرُدّ عَلَى هَؤُلَاءِ وَلَيْسَ لَهُمْ عَنْهَا جَوَاب صَحِيح، وَالصَّوَاب ثُبُوته كَمَا قَالَهُ الْجُمْهُور وَاَللَّه أَعْلَم.

وَأَمَّا قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِلَّا بَيْع الْخِيَار» فيه ثَلَاثَة أَقْوَال ذَكَرَهَا أَصْحَابنَا وَغَيْرهمْ مِنْ الْعُلَمَاء؛ وَأَصَحّهَا أَنَّ الْمُرَاد التَّخْيِير بَعْد تَمَام الْعَقْد قَبْل مُفَارَقَة الْمَجْلِس، وَتَقْدِيره يَثْبُت لَهُمَا الْخِيَار مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا إِلَّا أَنْ يَتَخَايَرَا فِي الْمَجْلِس وَيَخْتَارَا إِمْضَاء الْبَيْع فَيَلْزَم الْبَيْع بِنَفْسِ التَّخَايُر وَلَا يَدُوم إِلَى الْمُفَارِقَة.

وَالْقَوْل الثَّانِي أَنَّ مَعْنَاهُ إِلَّا بَيْعًا شُرِطَ فيه خِيَار الشَّرْط ثَلَاثَة أَيَّام أَوْ دُونهَا فَلَا يَنْقَضِي الْخِيَار فيه بِالْمُفَارَقَةِ بَلْ يَبْقَى حَتَّى تَنْقَضِي الْمُدَّة الْمَشْرُوطَة.

وَالثَّالِث مَعْنَاهُ إِلَّا بَيْعًا شُرِطَ فيه أَلَّا خِيَار لَهُمَا فِي الْمَجْلِس فَيَلْزَم الْبَيْع بِنَفْسِ الْبَيْع وَلَا يَكُون فيه خِيَار وَهَذَا تَأْوِيل مَنْ يُصَحِّح الْبَيْع عَلَى هَذَا الْوَجْه.

وَالْأَصَحّ عِنْد أَصْحَابنَا بُطْلَانه بِهَذَا الشَّرْط فَهَذَا تَنْقِيح الْخِلَاف فِي تَفْسِير هَذَا الْحَدِيث.

 وَاتَّفَقَ أَصْحَابنَا عَلَى تَرْجِيح الْقَوْل الْأَوَّل وَهُوَ الْمَنْصُوص لِلشَّافِعِيِّ وَنَقَلُوهُ عَنْهُ وَأَبْطَلَ كَثِير مِنْهُمْ مَا سِوَاهُ وَغَلَّطُوا قَائِله.

 وَمِمَّنْ رَجَحَهُ مِنْ الْمُحَدِّثِينَ الْبَيْهَقِيُّ ثُمَّ بَسَطَ دَلَائِله وَبَيَّنَ ضَعْف مَا يُعَارِضهَا ثُمَّ قَالَ: وَذَهَبَ كَثِير مِنْ الْعُلَمَاء إِلَى تَضْعِيف الْأَثَر الْمَنْقُول عَنْ عُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: الْبَيْع صَفْقَة أَوْ خِيَار.

 وَأَنَّ الْبَيْع لَا يَجُوز فيه شَرْط قَطْع الْخِيَار، وَأَنَّ الْمُرَاد بِبَيْعِ الْخِيَار التَّخْيِير بَعْد الْبَيْع أَوْ شُرِطَ فيه الْخِيَار ثَلَاثَة أَيَّام ثُمَّ قَالَ: وَالصَّحِيح أَنَّ الْمُرَاد التَّخْيِير بَعْد الْبَيْع، لِأَنَّ نَافِعًا رُبَّمَا عَبَّرَ عَنْهُ بِبَيْعِ الْخِيَار وَرُبَّمَا فَسَّرَهُ بِهِ.

 وَمِمَّنْ قَالَ بِتَصْحِيحِ هَذَا أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيّ وَنَقَلَ اِبْن الْمُنْذِر فِي الْإِشْرَاق هَذَا التَّفْسِير عَنْ الثَّوْرِيّ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَابْن عُيَيْنَةَ وَعَبْد اللَّه بْن الْحَسَن الْعَنْبَرِيّ وَالشَّافِعِيّ وَإِسْحَاق بْن رَاهْوَيْهِ وَاَللَّه أَعْلَم.

✯✯✯✯✯✯

‏2822- قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا تَبَايَعَ الرَّجُلَانِ فَكُلّ وَاحِد مِنْهُمَا بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا وَكَانَا جَمِيعًا أَوْ يُخَيِّر أَحَدهمَا الْآخَر فَإِنْ خَيَّرَ أَحَدهمَا الْآخَر فَتَبَايَعَا عَلَى ذَلِكَ فَقَدْ وَجَبَ الْبَيْع» وَمَعْنَى: «أَوْ يُخَيِّر أَحَدهمَا الْآخَر» أَنْ يَقُول لَهُ: اِخْتَرْ إِمْضَاء الْبَيْع.

 فَإِذَا اِخْتَارَ وَجَبَ الْبَيْع أَيْ لَزِمَ وَانْبَرَمَ فَإِنْ خَيَّرَ أَحَدهمَا الْآخَر فَسَكَتَ لَمْ يَنْقَطِع خِيَار السَّاكِت.

وَفِي اِنْقِطَاع خِيَار الْقَائِل وَجْهَانِ لِأَصْحَابِنَا، أَصَحّهمَا الِانْقِطَاع لِظَاهِرِ لَفْظ الْحَدِيث.

✯✯✯✯✯✯

‏2823- قَوْله: (فَكَانَ اِبْن عُمَر إِذَا بَايَعَ رَجُلًا فَأَرَادَ أَنْ لَا يُقِيلهُ قَامَ فَمَشَى هُنَيَّة ثُمَّ رَجَعَ) هَكَذَا هُوَ فِي بَعْض الْأُصُول (هُنَيَّة) بِتَشْدِيدِ الْيَاء غَيْر مَهْمُوز وَفِي بَعْضهَا (هُنَيْهَة) بِتَخْفِيفِ الْيَاء وَزِيَادَة هَاء أَيْ شَيْئًا يَسِيرًا.

وَقَوْله: (فَأَرَادَ أَنْ لَا يُقِيلهُ) أَيْ لَا يَنْفَسِخ الْبَيْع وَفِي هَذَا دَلِيل عَلَى أَنَّ التَّفَرُّق بِالْأَبْدَانِ كَمَا فَسَّرَهُ اِبْن عُمَر الرَّاوِي وَفيه رَدّ عَلَى تَأْوِيل مَنْ تَأَوَّلَ التَّفَرُّق عَلَى أَنَّهُ التَّفَرُّق بِالْقَوْلِ وَهُوَ لَفْظ الْبَيْع.

✯✯✯✯✯✯

‏2824- قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كُلّ بَيِّعَيْنِ لَا بَيْع بَيْنهمَا حَتَّى يَتَفَرَّقَا» أَيْ لَيْسَ بَيْنهمَا بَيْع لَازِم.

 باب ثبوت خيار المجلس للمتبايعين

 باب ثبوت خيار المجلس للمتبايعين



تعليقات