باب في الامر بالتيسير وترك التنفير
باب في الامر بالتيسير وترك التنفير
3262- قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بَشِّرُوا وَلَا تُنَفِّرُوا وَيَسِّرُوا وَلَا تُعَسِّرُوا» وَفِي الْحَدِيث الْآخَر: أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِمُعَاذٍ وَأَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا: «يَسِّرَا وَلَا تُعَسِّرَا، وَبَشِّرَا وَلَا تُنَفِّرَا وَتَطَاوَعَا وَلَا تَخْتَلِفَا» وَفِي حَدِيث أَنَس رَضِيَ اللَّه تَعَالَى عَنْهُ: «يَسِّرُوا وَلَا تُعَسِّرُوا وَسَكِّنُوا وَلَا تُنَفِّرُوا» إِنَّمَا جَمَعَ فِي هَذِهِ الْأَلْفَاظ بَيْن الشَّيْء وَضِدّه؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَفْعَلهُمَا فِي وَقْتَيْنِ، فَلَوْ اِقْتَصَرَ عَلَى يَسِّرُوا لَصَدَقَ ذَلِكَ عَلَى مَنْ يَسَّرَ مَرَّة أَوْ مَرَّات، وَعَسَّرَ فِي مُعْظَم الْحَالَات، فَإِذَا قَالَ: «وَلَا تُعَسِّرُوا» اِنْتَفَى التَّعْسِير فِي جَمِيع الْأَحْوَال مِنْ جَمِيع وُجُوهه، وَهَذَا هُوَ الْمَطْلُوب، وَكَذَا يُقَال فِي (يَسِّرَا وَلَا تُنَفِّرَا)، (وَتَطَاوَعَا وَلَا تَخْتَلِفَا)، لِأَنَّهُمَا قَدْ يَتَطَاوَعَا فِي وَقْت وَيَخْتَلِفَانِ فِي وَقْت، وَقَدْ يَتَطَاوَعَانِ فِي شَيْء وَيَخْتَلِفَانِ فِي شَيْء.
وَفيه: تَأْلِيف مَنْ قَرُبَ إِسْلَامه وَتَرْك التَّشْدِيد عَلَيْهِمْ، وَكَذَلِكَ مَنْ قَارَبَ الْبُلُوغ مِنْ الصِّبْيَان، وَمَنْ بَلَغَ وَمَنْ تَابَ مِنْ الْمَعَاصِي كُلّهمْ يُتَلَطَّف بِهِمْ وَيُدَرَّجُونَ فِي أَنْوَاع الطَّاعَة قَلِيلًا قَلِيلًا، وَقَدْ كَانَتْ أُمُور الْإِسْلَام فِي التَّكْلِيف عَلَى التَّدْرِيج فَمَتَى يُسِّرَ عَلَى الدَّاخِل فِي الطَّاعَة أَوْ الْمُرِيد لِلدُّخُولِ فيها سَهُلَتْ عَلَيْهِ، وَكَانَتْ عَاقِبَته غَالِبًا التَّزَايُد مِنْهَا، وَمَتَى عَسُرَتْ عَلَيْهِ أَوْ شَكَّ أَنْ لَا يَدْخُل فيها، وَإِنْ دَخَلَ أَوْ شَكَّ أَنْ لَا يَدُوم أَوْ لَا يَسْتَحِيلهَا.
وَفيه: أَمْر الْوُلَاة بِالرِّفْقِ وَاتِّفَاق الْمُتَشَارِكِينَ فِي وِلَايَة وَنَحْوهَا، وَهَذَا مِنْ الْمُهِمَّات فَإِنَّ غَالِب الْمَصَالِح لَا يَتِمّ إِلَّا بِالِاتِّفَاقِ، وَمَتَى حَصَلَ الِاخْتِلَاف فَاتَ.
وَفيه: وَصِيَّة الْإِمَام الْوُلَاة وَإِنْ كَانُوا أَهْل فَضْل وَصَلَاح كَمُعَاذٍ وَأَبِي مُوسَى، فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَع الْمُؤْمِنِينَ.
✯✯✯✯✯✯
3263- قَوْله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْنُ عَبَّاد حَدَّثَنَا سُفْيَان عَنْ عَمْرو عَنْ سَعِيد بْن أَبِي بُرْدَة) هَذَا مِمَّا اِسْتَدْرَكَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَقَالَ: لَمْ يُتَابِع اِبْن عَبَّاد عَنْ سُفْيَان عَنْ عَمْرو عَنْ سَعِيد، وَقَدْ رَوَى عَنْ سُفْيَان عَنْ مِسْعَر عَنْ سَعِيد وَلَا يَثْبُت، وَلَمْ يُخَرِّجهُ الْبُخَارِيّ مِنْ طَرِيق سُفْيَان، هَذَا كَلَام الدَّارَقُطْنِيِّ، وَلَا إِنْكَار عَلَى مُسْلِم؛ لِأَنَّ اِبْن عَبَّاد ثِقَة، وَقَدْ جَزَمَ بِرِوَايَتِهِ عَنْ سُفْيَان عَنْ عَمْرو عَنْ سَعِيد، وَلَوْ لَمْ يَثْبُت لَمْ يَضُرّ مُسْلِمًا فَإِنَّ الْمَتْن ثَابِت مِنْ الطُّرُق.
✯✯✯✯✯✯
3264- سبق شرحه بالباب.
باب في الامر بالتيسير وترك التنفير
۞۞۞۞۞۞۞۞
كتاب الجهاد والسير ﴿ 3 ﴾
۞۞۞۞۞۞۞۞