📁 آخر الأخبار

باب تحريم الذبح لغير الله تعالى ولعن فاعله


 باب تحريم الذبح لغير الله تعالى ولعن فاعله

 باب تحريم الذبح لغير الله تعالى ولعن فاعله

3657- قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَعَنَ اللَّهُ مَنْ لَعَنَ وَالِده، وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ ذَبَحَ لِغَيْرِ اللَّه، وَلَعَنَ اللَّه مَنْ آوَى مُحْدِثًا، وَلَعَنَ اللَّه مَنْ غَيَّرَ مَنَار الْأَرْض»، وَفِي الرِّوَايَة: «لَعَنَ اللَّه مَنْ لَعَنَ وَالِدَيْهِ» أَمَّا لَعْن الْوَالِد وَالْوَالِدَة فَمِنْ الْكَبَائِر، وَسَبَقَ ذَلِكَ مَشْرُوحًا وَاضِحًا فِي كِتَاب الْإِيمَان، وَالْمُرَاد بِمَنَارِ الْأَرْض- بِفَتْحِ الْمِيم- عَلَامَات حُدُودهَا، وَأَمَّا الْمُحْدِث- بِكَسْرِ الدَّال- فَهُوَ مَنْ يَأْتِي بِفَسَادٍ فِي الْأَرْض، وَسَبَقَ شَرْحه فِي آخِر كِتَاب الْحَجّ.
وَأَمَّا الذَّبْح لِغَيْرِ اللَّه فَالْمُرَاد بِهِ أَنْ يَذْبَح بِاسْمِ غَيْر اللَّه تَعَالَى كَمَنْ ذَبَحَ لِلصَّنَمِ أَوْ الصَّلِيب أَوْ لِمُوسَى أَوْ لِعِيسَى صَلَّى اللَّه عَلَيْهِمَا أَوْ لِلْكَعْبَةِ وَنَحْو ذَلِكَ، فَكُلّ هَذَا حَرَام، وَلَا تَحِلّ هَذِهِ الذَّبِيحَة، سَوَاء كَانَ الذَّابِح مُسْلِمًا أَوْ نَصْرَانِيًّا أَوْ يَهُودِيًّا، نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيّ، وَاتَّفَقَ عَلَيْهِ أَصْحَابنَا، فَإِنْ قَصَدَ مَعَ ذَلِكَ تَعْظِيم الْمَذْبُوح لَهُ غَيْر اللَّه تَعَالَى وَالْعِبَادَة لَهُ كَانَ ذَلِكَ كُفْرًا، فَإِنْ كَانَ الذَّابِح مُسْلِمًا قَبْل ذَلِكَ صَارَ بِالذَّبْحِ مُرْتَدًّا، وَذَكَرَ الشَّيْخ إِبْرَاهِيم الْمَرْوَزِيُّ مِنْ أَصْحَابنَا: أَنَّ مَا يُذْبَح عِنْد اِسْتِقْبَال السُّلْطَان تَقَرُّبًا إِلَيْهِ أَفْتَى أَهْل بُخَارَة بِتَحْرِيمِهِ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا أُهِّلَ بِهِ لِغَيْرِ اللَّه تَعَالَى، قَالَ الرَّافِعِيّ: هَذَا إِنَّمَا يَذْبَحُونَهُ اِسْتِبْشَارًا بِقُدُومِهِ فَهُوَ كَذَبْحِ الْعَقِيقَة لِوِلَادَةِ الْمَوْلُود، وَمِثْل هَذَا لَا يُوجِب التَّحْرِيم، وَاللَّهُ أَعْلَم.
قَوْله: (إِنَّ عَلِيًّا غَضِبَ حِين قَالَ لَهُ رَجُل: مَا كَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسِرّ إِلَيْك؟ إِلَى آخِره) فيه إِبْطَال مَا تَزْعُمهُ الرَّافِضَة وَالشِّيعَة وَالْإِمَامِيَّة مِنْ الْوَصِيَّة إِلَى عَلِيّ وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ اِخْتِرَاعَاتهمْ.
 وَفيه جَوَاز كِتَابَة الْعِلْم، وَهُوَ مُجْمَع عَلَيْهِ الْآن، وَقَدْ قَدَّمْنَا ذِكْر الْمَسْأَلَة فِي مَوَاضِع.
✯✯✯✯✯✯
‏3659- قَوْله: (مَا خَصَّنَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَيْءٍ لَمْ يَعُمّ بِهِ النَّاس كَافَّة إِلَّا مَا كَانَ فِي قِرَاب سَيْفِي) هَكَذَا تُسْتَعْمَل (كَافَّة) حَالًا، وَأَمَّا مَا يَقَع فِي كَثِير مِنْ كُتُب الْمُصَنِّفِينَ مِنْ اِسْتِعْمَالهَا مُضَافَة وَبِالتَّعْرِيفِ كَقَوْلِهِمْ: (هَذَا قَوْل كَافَّة الْعُلَمَاء) (وَمَذْهَب الْكَافَّة) فَهُوَ خَطَأ مَعْدُود فِي لَحْن الْعَوَامّ وَتَحْرِيفهمْ.
 وَقَوْله: (قِرَاب سَيْفِي) هُوَ بِكَسْرِ الْقَاف، وَهُوَ وِعَاء مِنْ جِلْد أَلْطَف مِنْ الْجِرَاب، يَدْخُل فيه السَّيْف بِغِمْدِهِ وَمَا خَفَّ مِنْ الْآلَة.
 وَاللَّهُ أَعْلَم.
قَوْله: (أَصَبْت شَارِفًا) هِيَ بِالشِّينِ الْمُعْجَمَة وَبِالْفَاءِ وَهِيَ النَّاقَة الْمُسِنَّة، وَجَمْعهَا: شُرُف بِضَمِّ الرَّاء وَإِسْكَانهَا.
قَوْله: (أُرِيدَ أَنْ أَحْمِلَ عَلَيْهَا إِذْخِرًا لِأَبِيعَهُ، وَمَعِي صَائِغ مِنْ بَنِي قَيْنُقَاع، فَأَسْتَعِين بِهِ عَلَى وَلِيمَة فَاطِمَة) أَمَّا (قَيْنُقَاع) فَبِضَمِّ النُّون وَكَسْرهَا وَفَتْحهَا، وَهُمْ طَائِفَة مِنْ يَهُود الْمَدِينَة، فَيَجُوز صَرْفه عَلَى إِرَادَة الْحَيّ، وَتَرْك صَرْفه عَلَى إِرَادَة الْقَبِيلَة أَوْ الطَّائِفَة، وَفيه اِتِّخَاذ الْوَلِيمَة لِلْعُرْسِ، سَوَاء فِي ذَلِكَ مَنْ لَهُ مَال كَثِير، وَمَنْ دُونه، وَقَدْ سَبَقَتْ الْمَسْأَلَة فِي كِتَاب النِّكَاح، وَفيه: جَوَاز الِاسْتِعَانَة فِي الْأَعْمَال وَالِاكْتِسَاب بِالْيَهُودِيِّ، وَفيه: جَوَاز الِاحْتِشَاش لِلتَّكَسُّبِ وَبَيْعه، وَأَنَّهُ لَا يُنْقِص الْمُرُوءَة، وَفيه: جَوَاز بَيْع الْوَقُود لِلصَّوَّاغِينَ وَمُعَامَلَتهمْ.
قَوْله: (مَعَهُ قَيْنَة تُغَنِّيه) الْقَيْنَة بِفَتْحِ الْقَاف الْجَارِيَة الْمُغَنِّيَة.
قَوْله: (أَلَا يَا حَمْز لِلشُّرُف النِّوَاء) الشُّرُف بِضَمِّ الشِّين وَالرَّاء وَتَسْكِين الرَّاء أَيْضًا كَمَا سَبَقَ جَمْع شَارِف، وَالنِّوَاء بِكَسْرِ النُّون وَتَخْفِيف الْوَاو وَبِالْمَدِّ أَيْ السِّمَان، جَمْع نَاوِيَة وَبِالتَّخْفِيفِ، وَهِيَ السَّمِينَة، وَقَدْ نَوَتْ النَّاقَة تَنْوِي، كَرَمَتْ تَرْمِي، يُقَال لَهَا ذَلِكَ إِذَا سَمِنَتْ، هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي النِّوَاء أَنَّهَا بِكَسْرِ النُّون، وَبِالْمَدِّ هُوَ الصَّوَاب الْمَشْهُور فِي الرِّوَايَات فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرهمَا، وَيَقَع فِي بَعْض النُّسَخ النَّوَى بِالْيَاءِ، وَهُوَ تَحْرِيف، وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: رَوَاهُ اِبْن جَرِير: (ذَا الشَّرَف النَّوَى) بِفَتْحِ الشِّين وَالرَّاء وَبِفَتْحِ النُّون مَقْصُورًا قَالَ: وَفَسَّرَهُ بِالْبُعْدِ، قَالَ الْخَطَّابِيُّ: وَكَذَا رَوَاهُ أَكْثَر الْمُحَقِّقِينَ، قَالَ: وَهُوَ غَلَط فِي الرِّوَايَة وَالتَّفْسِير، وَقَدْ جَاءَ فِي غَيْر مُسْلِم تَمَام هَذَا الشِّعْر.
 أَلَا يَا حَمْز لِلشُّرُف النِّوَاء وَهُنَّ مُعَقَّلَات بِالْفَنَاءِ ضَعْ السِّكِّين فِي اللَّبَّات مِنْهَا وَضَرِّجْهُنَّ حَمْزَة بِالدِّمَاءِ وَعَجِّلْ مِنْ أَطَايِبهَا لِشُرْبٍ قَدِيدًا مِنْ طَبِيخ أَوْ شِوَاء قَوْله: (فَجَبَّ أَسْنِمَتهمَا) وَفِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى (اِجْتَبَّ)، وَفِي رِوَايَة لِلْبُخَارِيّ: (أَجَبَّ) وَهَذِهِ غَرِيبَة فِي اللُّغَة، وَالْمَعْنَى: قَطَعَ.
قَوْله: (وَبَقَر خَوَاصِرهمَا) أَيْ شَقَّهَا، وَهَذَا الْفِعْل الَّذِي جَرَى مِنْ حَمْزَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُ مِنْ شُرْبه الْخَمْر وَقَطْع أَسْنِمَة النَّاقَتَيْنِ، وَبَقْر خَوَاصِرهمَا وَأَكْل لَحْمهمَا، وَغَيْر ذَلِكَ لَا إِثْم عَلَيْهِ فِي شَيْء مِنْهُ.
 أَمَّا أَصْل الشُّرْب وَالسُّكْر فَكَانَ مُبَاحًا؛ لِأَنَّهُ قَبْل تَحْرِيم الْخَمْر، وَأَمَّا مَا قَدْ يَقُولهُ بَعْض مَنْ لَا تَحْصِيل لَهُ إِنَّ السُّكْر لَمْ يَزَلْ مُحَرَّمًا فَبَاطِل لَا أَصْل لَهُ، وَلَا يُعْرَف أَصْلًا، وَأَمَّا بَاقِي الْأُمُور فَجَرَتْ مِنْهُ فِي حَال عَدَم التَّكْلِيف فَلَا إِثْم عَلَيْهِ فيها كَمَنْ شَرِبَ دَوَاءً لِحَاجَةٍ فَزَالَ بِهِ عَقْله أَوْ شَرِبَ شَيْئًا يَظُنّهُ خَلًّا فَكَانَ خَمْرًا أَوْ أُكْرِهَ عَلَى شُرْب الْخَمْر فَشَرِبَهَا وَسَكِرَ فَهُوَ فِي حَال السُّكْر غَيْر مُكَلَّف، وَلَا إِثْم عَلَيْهِ فِيمَا يَقَع مِنْهُ فِي تِلْكَ الْحَال بِلَا خِلَاف، وَأَمَّا غَرَامَة مَا أَتْلَفَهُ فَيَجِب فِي مَاله، فَلَعَلَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّه تَعَالَى عَنْهُ أَبْرَأَهُ مِنْ ذَلِكَ بَعْد مَعْرِفَته بِقِيمَةِ مَا أَتْلَفَهُ، أَوْ أَنَّهُ أَدَّاهُ إِلَيْهِ حَمْزَة بَعْد ذَلِكَ أَوْ أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَدَّاهُ عَنْهُ لِحُرْمَتِهِ عِنْده، وَكَمَال حَقّه وَمَحَبَّته إِيَّاهُ وَقَرَابَته، وَقَدْ جَاءَ فِي كِتَاب عُمَر بْن شَيْبَة مِنْ رِوَايَة أَبِي بَكْر بْن عَيَّاش أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَرَّمَ حَمْزَة النَّاقَتَيْنِ، وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاء أَنَّ مَا أَتْلَفَهُ السَّكْرَان مِنْ الْأَمْوَال يَلْزَمهُ ضَمَانه كَالْمَجْنُونِ، فَإِنَّ الضَّمَان لَا يُشْتَرَط فيه التَّكْلِيف، وَلِهَذَا أَوْجَبَ اللَّه تَعَالَى فِي كِتَابه فِي قَتْل الْخَطَأ الدِّيَة وَالْكَفَّارَة، وَأَمَّا هَذَا السَّنَام الْمَقْطُوع فَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَقَدَّمَ نَحْرهمَا فَهُوَ حَرَام بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ؛ لِأَنَّ مَا أُبِينَ مِنْ حَيّ فَهُوَ مَيِّت، وَفيه حَدِيث مَشْهُور فِي كُتُب السُّنَن، وَيَحْتَمِل أَنَّهُ ذَكَّاهُمَا، وَيَدُلّ عَلَيْهِ الشِّعْر الَّذِي قَدَّمْنَاهُ، فَإِنْ كَانَ ذَكَّاهُمَا فَلَحْمهمَا حَلَال بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاء إِلَّا مَا حُكِيَ عَنْ عِكْرِمَة وَإِسْحَاق وَدَاوُد أَنَّهُ لَا يَحِلّ مَا ذَبَحَهُ سَارِق أَوْ غَاضِب أَوْ مُتَعَمِّد، وَالصَّوَاب الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُور: حِلّه، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَكَّاهُمَا وَثَبَتَ أَنَّهُ أَكَلَ مِنْهُمَا فَهُوَ أَكْل فِي حَالَة السُّكْر الْمُبَاح وَلَا إِثْم فيه كَمَا سَبَقَ.
 وَاللَّهُ أَعْلَم.
قَوْله: «فَرَجَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَهْقِر»، وَفِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى: «فَنَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ الْقَهْقَرَى» قَالَ جُمْهُور أَهْل اللُّغَة وَغَيْرهمْ: الْقَهْقَرَى: الرُّجُوع إِلَى وَرَاء وَوَجْهه إِلَيْك إِذَا ذَهَبَ عَنْك، وَقَالَ أَبُو عَمْرو: وَهُوَ الْإِحْضَار فِي الرُّجُوع، أَيْ الْإِسْرَاع؛ فَعَلَى هَذَا مَعْنَاهُ: خَرَجَ مُسْرِعًا، وَالْأَوَّل هُوَ الْمَشْهُور وَالْمَعْرُوف، وَإِنَّمَا رَجَعَ الْقَهْقَرَى خَوْفًا مِنْ أَنْ يَبْدُو مِنْ حَمْزَة رَضِيَ اللَّه تَعَالَى عَنْهُ أَمْر يَكْرَههُ لَوْ وَلَّاهُ ظَهْره لِكَوْنِهِ مَغْلُوبًا بِالسُّكْرِ.
 باب تحريم الذبح لغير الله تعالى ولعن فاعله


۞۞۞۞۞۞۞۞
كتاب الْأَضْحَى ﴿ 8 ﴾ 
۞۞۞۞۞۞۞۞


كاتب
كاتب
مصطفى خميس خريج كلية اللغة العربية جامعة الإسكندرية، لعيب كرة قدم سابق لدي نادي أهلي دمنهور، مدون ومحرر اخبار ومالك عدة مواقع إلكترونية.
تعليقات