باب وجوب الاحداد في عدة الوفاة وتحريمه في غير ذلك الا ثلاثة ايام
باب وجوب الاحداد في عدة الوفاة وتحريمه في غير ذلك الا ثلاثة ايام
قَالَ أَهْل اللُّغَة: الْإِحْدَاد وَالْحِدَاد مُشْتَقّ مِنْ الْحَدّ وَهُوَ الْمَنْع لِأَنَّهَا تَمْنَع الزِّينَة وَالطِّيب، يُقَال: أَحَدَّتْ الْمَرْأَة تَحِدّ إِحْدَادًا وَحُدَّتْ تَحُدّ بِضَمِّ الْحَاء وَتَحِدّ بِكَسْرِهَا حَدًّا، كَذَا قَالَ الْجُمْهُور أَنَّهُ يُقَال: أَحَدَّتْ وَحَدَّتْ، وَقَالَ الْأَصْمَعِيّ: لَا يُقَال إِلَّا أَحَدَّتْ رُبَاعِيًّا، وَيُقَال: اِمْرَأَة حَادّ، وَلَا يُقَال: حَادَّة وَأَمَّا الْإِحْدَاد فِي الشَّرْع فَهُوَ تَرْك الطِّيب وَالزِّينَة وَلَهُ تَفَاصِيل مَشْهُورَة فِي كُتُب الْفِقْه.
✯✯✯✯✯✯
2730- قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَحِلّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِن بِاَللَّهِ وَالْيَوْم الْآخِر تُحِدّ عَلَى مَيِّت فَوْق ثَلَاث إِلَّا عَلَى زَوْج أَرْبَعَة أَشْهُر وَعَشْرًا» فيه دَلِيل عَلَى وُجُوب الْإِحْدَاد عَلَى الْمُعْتَدَّة مِنْ وَفَاة زَوْجهَا وَهُوَ مُجْمَع عَلَيْهِ فِي الْجُمْلَة وَإِنْ اِخْتَلَفُوا فِي تَفْصِيله، فَيَجِب عَلَى كُلّ مُعْتَدَّة عَنْ وَفَاة سَوَاء الْمَدْخُول بِهَا وَغَيْرهَا وَالصَّغِيرَة وَالْكَبِيرَة وَالْبِكْر وَالثَّيِّب وَالْحُرَّة وَالْأَمَة وَالْمُسْلِمَة وَالْكَافِرَة هَذَا مَذْهَب الشَّافِعِيّ وَالْجُمْهُور.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَة وَغَيْره مِنْ الْكُوفِيِّينَ وَأَبُو ثَوْر وَبَعْض الْمَالِكِيَّة: لَا يَجِب عَلَى الزَّوْجَة الْكِتَابِيَّة بَلْ تَخْتَصّ بِالْمُسْلِمَةِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَحِلّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِن بِاَللَّهِ» فَخَصَّهُ بِالْمُؤْمِنَةِ.
وَدَلِيل الْجُمْهُور أَنَّ الْمُؤْمِن هُوَ الَّذِي يَشْمَل خِطَاب الشَّارِع وَيَنْتَفِع بِهِ وَيَنْقَاد لَهُ، فَلِهَذَا قَيَّدَ بِهِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَة أَيْضًا: لَا إِحْدَاد عَلَى الصَّغِيرَة وَلَا عَلَى الزَّوْجَة الْأَمَة.
وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا إِحْدَاد عَلَى أُمّ الْوَلَد وَلَا عَلَى الْأَمَة إِذَا تُوُفِّيَ عَنْهُمَا سَيِّدهمَا وَلَا عَلَى الزَّوْجَة الرَّجْعِيَّة.
وَاخْتَلَفُوا فِي الْمُطَلَّقَة ثَلَاثًا، فَقَالَ عَطَاء وَرَبِيعَة وَمَالِك وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ وَابْن الْمُنْذِر.
لَا إِحْدَاد عَلَيْهَا، وَقَالَ الْحَكَم وَأَبُو حَنِيفَة وَالْكُوفِيُّونَ وَأَبُو ثَوْر وَأَبُو عُبَيْد: عَلَيْهَا الْإِحْدَاد وَهُوَ قَوْل ضَعِيف لِلشَّافِعِيِّ وَحَكَى الْقَاضِي قَوْلًا عَنْ الْحَسَن الْبَصْرِيّ أَنَّهُ لَا يَجِب الْإِحْدَاد عَلَى الْمُطَلَّقَة وَلَا عَلَى الْمُتَوَفَّى عَنْهَا، وَهَذَا شَاذّ غَرِيب.
وَدَلِيل مَنْ قَالَ: لَا إِحْدَاد عَلَى الْمُطَلَّقَة ثَلَاثًا قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِلَّا عَلَى الْمَيِّت» فَخَصَّ الْإِحْدَاد بِالْمَيِّتِ بَعْد تَحْرِيمه فِي غَيْره.
قَالَ الْقَاضِي: وَاسْتُفِيدَ وُجُوب الْإِحْدَاد فِي الْمُتَوَفَّى عَنْهَا مِنْ اِتِّفَاق الْعُلَمَاء عَلَى حَمْل الْحَدِيث عَلَى ذَلِكَ، مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي لَفْظه مَا يَدُلّ عَلَى الْوُجُوب وَلَكِنْ اِتَّفَقُوا عَلَى حَمْله عَلَى الْوُجُوب مَعَ قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيث الْآخَر حَدِيث أُمّ سَلَمَة وَحَدِيث أُمّ عَطِيَّة فِي الْكُحْل وَالطِّيب وَاللِّبَاس وَمَنْعهَا مِنْهُ وَاَللَّه أَعْلَم.
وَأَمَّا قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَرْبَعَة أَشْهُر وَعَشْرًا»، فَالْمُرَاد بِهِ وَعَشْرَة أَيَّام بِلَيَالِيِهَا.
هَذَا مَذْهَبنَا وَمَذْهَب الْعُلَمَاء كَافَّة، إِلَّا مَا حُكِيَ عَنْ يَحْيَى بْن أَبِي كَثِير وَالْأَوْزَاعِيِّ أَنَّهَا أَرْبَعَة أَشْهُر وَعَشْر لَيَالٍ وَأَنَّهَا تَحِلّ فِي الْيَوْم الْعَاشِرَة، وَعِنْدنَا وَعِنْد الْجُمْهُور لَا تَحِلّ حَتَّى تَدْخُل لَيْلَة الْحَادِي عَشَر.
وَاعْلَمْ أَنَّ التَّقْيِيد عِنْدنَا بِأَرْبَعَةِ أَشْهُر وَعَشْر خَرَجَ عَلَى غَالِب الْمُعْتَدَّات أَنَّهَا تَعْتَدّ بِالْأَشْهُرِ، أَمَّا إِذَا كَانَتْ حَامِلًا فَعِدَّتهَا بِالْحَمْلِ.
وَيَلْزَمهَا الْإِحْدَاد فِي جَمِيع الْعِدَّة حَتَّى تَضَع سَوَاء قَصُرَتْ الْمُدَّة أَمْ طَالَتْ فَإِذَا وَضَعَتْ فَلَا إِحْدَاد بَعْده.
وَقَالَ بَعْض الْعُلَمَاء: لَا يَلْزَمهَا الْإِحْدَاد بَعْد أَرْبَعَة أَشْهُر وَعَشْر وَإِنْ لَمْ تَضَع الْحَمْل وَاَللَّه أَعْلَم.
قَالَ الْعُلَمَاء وَالْحِكْمَة فِي وُجُوب الْإِحْدَاد فِي عِدَّة الْوَفَاة دُون الطَّلَاق، لِأَنَّ الزِّينَة وَالطِّيب يَدْعُوَانِ إِلَى النِّكَاح وَيُوقِعَانِ فيه فَنَهَيْت عَنْهُ لِيَكُونَ الِامْتِنَاع مِنْ ذَلِكَ زَاجِرًا عَنْ النِّكَاح، لِكَوْنِ الزَّوْج مَيِّتًا لَا يَمْنَع مُعْتَدَّته مِنْ النِّكَاح وَلَا يُرَاعِيه نَاكِحهَا، وَلَا يُخَاف مِنْهُ بِخِلَافِ الْمُطَلِّق الْحَيّ فَإِنَّهُ يَسْتَغْنِي بِوُجُودِهِ عَنْ زَاجِر آخَر وَلِهَذِهِ الْعِلَّة وَجَبَتْ الْعِدَّة عَلَى كُلّ مُتَوَفَّى عَنْهَا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَدْخُولًا بِهَا بِخِلَافِ الطَّلَاق فَاسْتُظْهِرَ لِلْمَيِّتِ بِوُجُوبِ الْعِدَّة وَجُعِلَتْ أَرْبَعَة أَشْهُر وَعَشْرًا، لِأَنَّ الْأَرْبَعَة فيها يَنْفُخ الرُّوح فِي الْوَلَد إِنْ كَانَ وَالْعَشْر اِحْتِيَاطًا، وَفِي هَذِهِ الْمُدَّة يَتَحَرَّك الْوَلَد فِي الْبَطْن قَالُوا وَلَمْ يُوَكَّل ذَلِكَ إِلَى أَمَانَة النِّسَاء وَيُجْعَل بِالْأَقْرَاءِ كَالطَّلَاقِ، لِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ الِاحْتِيَاط لِلْمَيِّتِ وَلَمَّا كَانَتْ الصَّغِيرَة مِنْ الزَّوْجَات نَادِرَة أُلْحِقَتْ بِالْغَالِبِ فِي حُكْم وُجُوب الْعِدَّة وَالْإِحْدَاد وَاَللَّه أَعْلَم.
قَوْله: «فَدَعَتْ أُمّ حَبِيبَة بِطَيِّبٍ فيه صُفْرَة خَلُوق أَوْ غَيْره» هُوَ بِرَفْعِ خَلُوق وَبِرَفْعِ غَيْره أَيْ دَعَتْ بِصُفْرَةٍ وَهِيَ خَلُوق أَوْ غَيْره وَالْخَلُوق بِفَتْحِ الْخَاء هُوَ طِيب مَخْلُوط.
قَوْله: «مَسَّتْ بِعَارِضَيْهَا» هُمَا جَانِبَا الْوَجْه فَوْق الذَّقَن إِلَى مَا دُون الْأُذُن وَإِنَّمَا فَعَلَتْ هَذَا لِدَفْعِ صُورَة الْإِحْدَاد وَفِي هَذَا الَّذِي فَعَلَتْهُ أُمّ حَبِيبَة وَزَيْنَب مَعَ الْحَدِيث الْمَذْكُور دَلَالَة لِجَوَازِ الْإِحْدَاد عَلَى غَيْر الزَّوْج ثَلَاثَة أَيَّام فَمَا دُونهَا.
✯✯✯✯✯✯
2732- قَوْلهَا: «وَقَدْ اِشْتَكَتْ عَيْنهَا» هُوَ بِرَفْعِ النُّون وَوَقَعَ فِي بَعْض الْأُصُول عَيْنَاهَا بِالْأَلِفِ.
قَوْلهَا: «أَفَنُكَحِّلهَا؟ فَقَالَ: لَا» هُوَ بِضَمِّ الْحَاء.
وَفِي هَذَا الْحَدِيث وَحَدِيث أُمّ عَطِيَّة الْمَذْكُور بَعْده فِي قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَكْتَحِل» دَلِيل عَلَى تَحْرِيم الِاكْتِحَال عَلَى الْحَادَّة، سَوَاء اِحْتَاجَتْ إِلَيْهِ أَمْ لَا.
وَجَاءَ فِي الْحَدِيث الْآخَر فِي الْمُوَطَّأ وَغَيْره فِي حَدِيث أُمّ سَلَمَة: «اِجْعَلِيهِ بِاللَّيْلِ وَامْسَحِيهِ بِالنَّهَارِ» وَوَجْه الْجَمِيع بَيْن الْأَحَادِيث أَنَّهَا إِذَا لَمْ تَحْتَجْ إِلَيْهِ لَا يَحِلّ لَهَا، وَإِنْ اِحْتَاجَتْ لَمْ يَجُزْ بِالنَّهَارِ وَيَجُوز بِاللَّيْلِ، مَعَ أَنَّ الْأَوْلَى تَرْكه، فَإِنَّ فَعَلَتْهُ مَسَحَتْهُ بِالنَّهَارِ.
فَحَدِيث الْإِذْن فيه لِبَيَانِ أَنَّهُ بِاللَّيْلِ لِلْحَاجَةِ غَيْر حَرَام، حَدِيث النَّهْي مَحْمُول عَلَى عَدَم الْحَاجَة.
وَحَدِيث الَّتِي اِشْتَكَتْ عَيْنهَا فَنَهَاهَا مَحْمُول عَلَى أَنَّهُ نَهْي تَنْزِيه وَتَأَوَّلَهُ بَعْضهمْ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّق الْخَوْف عَلَى عَيْنهَا.
وَقَدْ اِخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي اِكْتِحَال الْمُحَدَّة فَقَالَ سَالِم بْن عَبْد اللَّه وَسُلَيْمَان بْن يَسَار وَمَالِك فِي رِوَايَة عَنْهُ يَجُوز إِذَا خَافَتْ عَلَى عَيْنهَا بِكُحْلٍ لَا طِيب فيه وَجَوَّزَهُ بَعْضهمْ عِنْد الْحَاجَة وَإِنْ كَانَ فيه طِيب، وَمَذْهَبنَا جَوَازه لَيْلًا عِنْد الْحَاجَة بِمَا لَا طِيب فيه.
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّمَا هِيَ أَرْبَعَة أَشْهُر وَعَشْر وَقَدْ كَانَتْ إِحْدَاكُنَّ فِي الْجَاهِلِيَّة تَرْمِي بِالْبَعْرَةِ عَلَى رَأْس الْحَوْل» مَعْنَاهُ لَا تَسْتَكْثِرْنَ الْعِدَّة وَمَنَعَ الِاكْتِحَال فيها فَإِنَّهَا مُدَّة قَلِيلَة وَقَدْ خُفِّفَتْ عَنْكُنَّ وَصَارَتْ أَرْبَعَة أَشْهُر وَعَشْرًا بَعْد أَنْ كَانَتْ سُنَّة.
وَفِي هَذَا تَصْرِيح بِنَسْخِ الِاعْتِدَاد سُنَّة الْمَذْكُور فِي سُورَة الْبَقَرَة فِي الْآيَة الثَّانِيَة.
وَأَمَّا رَمْيهَا بِالْبَعْرَةِ عَلَى رَأْس الْحَوْل، فَقَدْ فَسَّرَهُ فِي الْحَدِيث.
قَالَ بَعْض الْعُلَمَاء: مَعْنَاهُ أَنَّهَا رَمَتْ بِالْعِدَّةِ وَخَرَجَتْ مِنْهَا كَانْفِصَالِهَا مِنْ هَذِهِ الْبَعْرَة وَرَمِيَهَا بِهَا، وَقَالَ بَعْضهمْ: هُوَ إِشَارَة إِلَى أَنَّ الَّذِي فَعَلَتْهُ وَصَبَرَتْ عَلَيْهِ مِنْ الِاعْتِدَاد سُنَّة وَلُبْسهَا شَرّ ثِيَابهَا وَلُزُومهَا بَيْتًا صَغِيرًا هَيِّن بِالنِّسْبَةِ إِلَى حَقّ الزَّوْج وَمَا يَسْتَحِقّهُ مِنْ الْمُرَاعَاة كَمَا يُهَوِّن الرَّمْي بِالْبَعْرَةِ.
قَوْله: «دَخَلَتْ حِفْشًا» هُوَ بِكَسْرِ الْحَاء الْمُهْمَلَة وَإِسْكَان الْفَاء وَبِالشِّينِ الْمُعْجَمَة أَيْ بَيْتًا صَغِيرًا حَقِيرًا قَرِيب السَّمَك.
قَوْله: «ثُمَّ تُؤْتَى بِدَابَّةِ حِمَار أَوْ شَاة أَوْ طَيْر فَتَفْتَضّ بِهِ» هَكَذَا هُوَ فِي جَمِيع النُّسَخ: «فَتَفْتَضّ» بِالْفَاءِ وَالضَّاد قَالَ اِبْن قُتَيْبَة: سَأَلْت الْحِجَازِيِّينَ عَنْ مَعْنَى الِافْتِضَاض فَذَكَرُوا أَنَّ الْمُعْتَدَّة كَانَتْ لَا تَغْتَسِل وَلَا تَمَسّ مَاء وَلَا تُقَلِّم ظُفْرًا ثُمَّ تَخْرُج بَعْد الْحَوْل بِأَقْبَح مَنْظَر ثُمَّ تَفْتَضّ أَيْ تَكْسِر مَا هِيَ فيه مِنْ الْعِدَّة بِطَائِرٍ تَمْسَح بِهِ قُبُلهَا وَتَنْبِذهُ فَلَا يَكَاد يَعِيش مَا تَفْتَضّ بِهِ.
وَقَالَ مَالِك: مَعْنَاهُ تَمْسَح بِهِ جِلْدهَا.
وَقَالَ اِبْن وَهْب: مَعْنَاهُ تَمْسَح بِيَدِهَا عَلَيْهِ أَوْ عَلَى ظَهْره.
وَقِيلَ: مَعْنَاهُ تَمْسَح بِهِ ثُمَّ تَفْتَضّ أَيْ تَغْتَسِل وَالِافْتِضَاض الِاغْتِسَال بِالْمَاءِ الْعَذْب لِلْإِنْقَاءِ وَإِزَالَة الْوَسَخ حَتَّى تَصِير بَيْضَاء نَقِيَّة كَالْفِضَّةِ.
وَقَالَ الْأَخْفَش: مَعْنَاهُ تَتَنَظَّف وَتَتَنَقَّى مِنْ الدَّرَن تَشْبِيهًا لَهَا بِالْفِضَّةِ فِي نَقَائِهَا وَبَيَاضهَا.
وَذَكَرَ الْهَرَوِيُّ: أَنَّ الْأَزْهَرِيّ قَالَ: رَوَاهُ الشَّافِعِيّ: «تُقْبَص» بِالْقَافِ وَالصَّاد الْمُهْمَلَة وَالْبَاء الْمُوَحَّدَة مَأْخُوذ مِنْ الْقَبْض بِأَطْرَافِ الْأَصَابِع.
✯✯✯✯✯✯
2733- قَوْله: «تُوُفِّيَ حَمِيم لِأُمّ حَبِيبَة» أَيْ قَرِيب.
✯✯✯✯✯✯
2734- قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فِي شَرّ أَحْلَاسهَا» هُوَ بِفَتْحِ الْهَمْزَة وَإِسْكَان الْحَاء الْمُهْمَلَة جَمْع حِلْس بِكَسْرِ الْحَاء وَالْمُرَاد فِي شَرّ ثِيَابهَا، كَمَا قَالَ فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى وَهُوَ مَأْخُوذ مِنْ حِلْس الْبَعِير وَغَيْره مِنْ الدَّوَابّ وَهُوَ كَالْمَسْحِ يُجْعَل عَلَى ظَهْره.
✯✯✯✯✯✯
2736- قَوْله: (نَعْي أَبِي سُفْيَان) هُوَ بِكَسْرِ الْعَيْن مَعَ تَشْدِيد الْيَاء وَبِإِسْكَانِهَا مَعَ تَخْفِيف الْيَاء أَيْ خَبَر مَوْته.
✯✯✯✯✯✯
2739- قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَلَا تَلْبَس ثَوْبًا مَصْبُوغًا إِلَّا ثَوْب عَصْب» الْعَصْب بِعَيْنٍ مَفْتُوحَة ثُمَّ صَاد سَاكِنَة مُهْمَلَتَيْنِ وَهُوَ بُرُود الْيَمَن يُعْصَب عَزْلهَا ثُمَّ يُصْبَغ مَعْصُوبًا ثُمَّ تُنْسَج، وَمَعْنَى الْحَدِيث النَّهْي عَنْ جَمِيع الثِّيَاب الْمَصْبُوغَة لِلزِّينَةِ إِلَّا ثَوْب الْعَصْب.
قَالَ اِبْن الْمُنْذِر: أَجْمَعَ الْعُلَمَاء عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوز لِلْحَادَّةِ لُبْس الثِّيَاب الْمُعَصْفَرَة وَالْمُصَبَّغَة إِلَّا مَا صُبِغَ بِسَوَادٍ فَرَخَّصَ بِالْمَصْبُوغِ بِالسَّوَادِ عُرْوَة بْن الزُّبَيْر وَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيّ، وَكَرِهَهُ الزُّهْرِيّ، وَكَرِهَ عُرْوَة الْعَصَب، وَأَجَازَهُ الزُّهْرِيّ، وَأَجَازَ مَالِك غَلِيظه، وَالْأَصَحّ عِنْد أَصْحَابنَا تَحْرِيمه مُطْلَقًا.
وَهَذَا الْحَدِيث حُجَّة لِمَنْ أَجَازَهُ قَالَ اِبْن الْمُنْذِر: رَخَّصَ جَمِيع الْعُلَمَاء فِي الثِّيَاب الْبِيض، وَمَنَعَ بَعْض مُتَأَخِّرِي الْمَالِكِيَّة جَيِّد الْبِيض الَّذِي يَتَزَيَّن بِهِ وَكَذَلِكَ جَيِّد السَّوَاد.
قَالَ أَصْحَابنَا: وَيَجُوز كُلّ مَا صَبْغ وَلَا تَقْصِد مِنْهُ الزِّينَة وَيَجُوز لَهَا لُبْس الْحَرِير فِي الْأَصَحّ، وَيَحْرُم حِلِّي الذَّهَب وَالْفِضَّة وَكَذَلِكَ اللُّؤْلُؤ، وَفِي اللُّؤْلُؤ وَجْه أَنَّهُ يَجُوز.
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَلَا تَمَسّ طَيِّبًا إِلَّا إِذَا طَهُرَتْ نُبْذَة قَسَّطَ أَوْ أَظْفَار» النُّبْذَة بِضَمِّ النُّون الْقِطْعَة وَالشَّيْء الْيَسِير، وَأَمَّا الْقِسْط فَبِضَمِّ الْقَاف وَيُقَال فيه: (كَسِتِّ) بِكَافٍ مَضْمُومَة بَدَل الْقَاف وَبِتَاءٍ بَدَل الطَّاء وَهُوَ وَالْأَظْفَار نَوْعَانِ مَعْرُوفَانِ مِنْ الْبَخُور وَلَيْسَا مِنْ مَقْصُود الطَّيِّب رَخَّصَ فيه لِلْمُغْتَسِلَةِ مِنْ الْحَيْض لِإِزَالَةِ الرَّائِحَة الْكَرِيهَة تَتْبَع بِهِ أَثَر الدَّم لَا لِلتَّطَيُّبِ وَاَللَّه تَعَالَى أَعْلَم.
باب وجوب الاحداد في عدة الوفاة وتحريمه في غير ذلك الا ثلاثة ايام
باب وجوب الاحداد في عدة الوفاة وتحريمه في غير ذلك الا ثلاثة ايام