باب فضل السنن الراتبة قبل الفرائض وبعدهن وبيان عددهن
باب فضل السنن الراتبة قبل الفرائض وبعدهن وبيان عددهن
فيه حَدِيث أُمّ حَبِيبَة: «مَنْ صَلَّى اِثْنَتَيْ عَشْرَة رَكْعَة فِي يَوْم وَلَيْلَة بُنِيَ لَهُ بِهِنَّ بَيْت فِي الْجَنَّة» وَفِي رِوَايَة: «مَا مِنْ عَبْد مُسْلِم يُصَلِّي لِلَّهِ تَعَالَى فِي كُلّ يَوْم اِثْنَتَيْ عَشْرَة رَكْعَة تَطَوُّعًا غَيْر فَرِيضَة إِلَّا بَنَى اللَّه لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّة» وَفِي حَدِيث اِبْن عُمَر: «قَبْل الظُّهْر سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ وَكَذَا بَعْدهَا، وَبَعْد الْمَغْرِب وَالْعِشَاء وَالْجُمْعَة» وَزَادَ فِي صَحِيح الْبُخَارِيّ قَبْل الصُّبْح رَكْعَتَيْنِ، وَهَذِهِ اِثْنَتَا عَشْرَة، وَفِي حَدِيث عَائِشَة هُنَا: «أَرْبَعًا قَبْل الظُّهْر وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدهَا وَبَعْد الْمَغْرِب وَبَعْد الْعِشَاء، وَإِذَا طَلَعَ الْفَجْر صَلَّى رَكْعَتَيْنِ» وَهَذِهِ اِثْنَتَا عَشْرَة أَيْضًا، وَلَيْسَ لِلْعَصْرِ ذِكْر فِي الصَّحِيحَيْنِ.
وَجَاءَ فِي سُنَن أَبِي دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ صَحِيح عَنْ عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي قَبْل الْعَصْر رَكْعَتَيْنِ، وَعَنْ اِبْن عُمَر عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «رَحِمَ اللَّهُ اِمْرَأَ صَلَّى قَبْل الْعَصْر أَرْبَعًا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيّ وَقَالَ: حَدِيث حَسَن.
وَجَاءَ فِي أَرْبَع بَعْد الظُّهْر حَدِيث صَحِيح عَنْ أُمّ حَبِيبَة قَالَتْ: قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ حَافَظَ عَلَى أَرْبَع رَكَعَات قَبْل الظُّهْر، وَأَرْبَع بَعْدهَا حَرَّمَهُ اللَّه عَلَى النَّار».
رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيّ وَقَالَ: حَدِيث حَسَن صَحِيح.
وَفِي صَحِيح الْبُخَارِيّ عَنْ اِبْن مُغَفَّل أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «صَلُّوا قَبْل الْمَغْرِب» قَالَ: فِي الثَّالِثَة: لِمَنْ شَاءَ، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ اِبْن مُغَفَّل أَيْضًا عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بَيْن كُلّ أَذَانَيْنِ صَلَاة» الْمُرَاد: بَيْن الْأَذَان وَالْإِقَامَة، فَهَذِهِ جُمْلَة مِنْ الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة فِي السُّنَن الرَّاتِبَة مَعَ الْفَرَائِض.
قَالَ أَصْحَابنَا وَجُمْهُور الْعُلَمَاء بِهَذِهِ الْأَحَادِيث كُلّهَا، وَاسْتَحَبُّوا جَمِيع هَذِهِ النَّوَافِل الْمَذْكُورَة فِي الْأَحَادِيث السَّابِقَة وَلَا خِلَاف فِي شَيْء مِنْهَا عِنْد أَصْحَابنَا إِلَّا فِي الرَّكْعَتَيْنِ قَبْل الْمَغْرِب، فَفيهمَا وَجْهَانِ لِأَصْحَابِنَا: أَشْهَرهُمَا: لَا يُسْتَحَبّ، وَالصَّحِيح عِنْد الْمُحَقِّقِينَ: اِسْتِحْبَابهمَا بِحَدِيثَيْ اِبْن مُغَفَّل، وَبِحَدِيثِ اِبْتِدَارهمْ السَّوَارِي بِهَا، وَهُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ.
قَالَ أَصْحَابنَا وَغَيْرهمْ: وَاخْتِلَاف الْأَحَادِيث فِي أَعْدَادهَا مَحْمُول عَلَى تَوْسِعَة الْأَمْر فيها، وَأَنَّ لَهَا أَقَلّ وَأَكْمَلَ فَيَحْصُل أَصْل السُّنَّة بِالْأَقَلِّ، وَلَكِنَّ الِاخْتِيَار فِعْل الْأَكْثَر الْأَكْمَل، وَهَذَا كَمَا سَبَقَ فِي اِخْتِلَاف أَحَادِيث الضُّحَى وَكَمَا فِي أَحَادِيث الْوِتْر فَجَاءَتْ فيها كُلّهَا أَعْدَادهَا بِالْأَقَلِّ وَالْأَكْثَر وَمَا بَيْنهمَا لِيَدُلّ عَلَى أَقَلّ الْمُجْزِئ فِي تَحْصِيل أَصْل السُّنَّة وَعَلَى الْأَكْمَل وَالْأَوْسَط، وَاللَّهُ أَعْلَم.
✯✯✯✯✯✯
1198- قَوْله: (حَدَّثَنَا أَبُو خَالِد عَنْ دَاوُدَ بْن هِنْد عَنْ النُّعْمَان بْن سَالِم عَنْ عَمْرو بْن أَوْس عَنْ عَنْبَسَةَ بْن أَبِي سُفْيَان عَنْ أُمّ حَبِيبَة) هَذَا الْحَدِيث فيه أَرْبَعَة تَابِعِيُّونَ بَعْضهمْ عَنْ بَعْض وَهُمْ: دَاوُدُ وَالنُّعْمَان وَعَمْرو وَعَنْبَسَة، وَقَدْ سَبَقَتْ لِهَذَا نَظَائِر كَثِيرَة.
قَوْله: (بِحَدِيثِ يَتَسَارَّ إِلَيْهِ) هُوَ بِمُثَنَّاةٍ تَحْت مَفْتُوحَة ثُمَّ مُثَنَّاة فَوْق وَتَشْدِيد الرَّاء الْمَرْفُوعَة أَيْ: يُسَرّ بِهِ مِنْ السُّرُور، لِمَا فيه مِنْ الْبِشَارَة مَعَ سُهُولَته، وَكَانَ عَنْبَسَة مُحَافِظًا عَلَيْهِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي آخِر الْحَدِيث، وَرَوَاهُ بَعْضهمْ بِضَمِّ أَوَّله عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِله وَهُوَ صَحِيح أَيْضًا.
قَوْله: (قَالَتْ أُمّ حَبِيبَة فَمَا تَرَكْتهنَّ، وَكَذَا قَالَ عَنْبَسَة وَكَذَا قَالَ عَمْرو بْن أَوْس وَالنُّعْمَان بْن سَالِم) فيه: أَنْ يَحْسُن مِنْ الْعَالِم وَمَنْ يُقْتَدَى بِخَلْفِهِ بِهِ أَنْ يَقُول مِثْل هَذَا وَلَا يَقْصِد بِهِ تَزْكِيَة نَفْسه، بَلْ يُرِيد حَثَّ السَّامِعِينَ عَلَى التَّخَلُّق بِخُلُقِهِ فِي ذَلِكَ وَتَحْرِيضهمْ عَلَى الْمُحَافَظَة عَلَيْهِ وَتَنْشِيطهمْ لِفِعْلِهِ.
✯✯✯✯✯✯
1199- قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تَطَوُّعًا غَيْر فَرِيضَة» هُوَ مِنْ بَاب التَّوْكِيد وَرَفْع اِحْتِمَال إِرَادَة الِاسْتِعَاذَة، فَفيه اِسْتِحْبَاب اِسْتِعْمَال التَّوْكِيد إِذَا اُحْتِيجَ إِلَيْهِ.
✯✯✯✯✯✯
1200- قَوْله: «صَلَّيْت مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْل الظُّهْر سَجْدَتَيْنِ» أَيْ رَكْعَتَيْنِ.
باب فضل السنن الراتبة قبل الفرائض وبعدهن وبيان عددهن
باب فضل السنن الراتبة قبل الفرائض وبعدهن وبيان عددهن
باب فضل السنن الراتبة قبل الفرائض وبعدهن وبيان عددهن