باب صحة حج الصبي واجر من حج به
باب صحة حج الصبي واجر من حج به
2377- قَوْله: «لَقِيَ رَكْبًا بِالرَّوْحَاءِ فَقَالَ: مَنْ الْقَوْم؟ فَقَالُوا: الْمُسْلِمُونَ، فَقَالُوا: مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: رَسُول اللَّه» صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
الرَّكْب أَصْحَاب الْإِبِل خَاصَّة، وَأَصْله أَنْ يُسْتَعْمَل فِي عَشَرَة فَمَا دُونهَا، وَسَبَقَ فِي مُسْلِم فِي الْأَذَان أَنَّ (الرَّوْحَاء) مَكَان عَلَى سِتَّة وَثَلَاثِينَ مِيلًا مِنْ الْمَدِينَة، قَالَ الْقَاضِي عِيَاض: يُحْتَمَل أَنَّ هَذَا اللِّقَاء كَانَ لَيْلًا فَلَمْ يَعْرِفُوهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيُحْتَمَل كَوْنه نَهَارًا، لَكِنْهُمْ لَمْ يَرَوْهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْل ذَلِكَ لِعَدَمِ هِجْرَتهمْ، فَأَسْلَمُوا فِي بُلْدَانهمْ وَلَمْ يُهَاجِرُوا قَبْل ذَلِكَ.
قَوْله: «فَرَفَعَتْ اِمْرَأَة صَبِيًّا لَهَا فَقَالَتْ: أَلِهَذَا حَجّ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَلَك أَجْر» فيه حُجَّة لِلشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وَجَمَاهِير الْعُلَمَاء أَنَّ حَجّ الصَّبِيّ مُنْعَقِد صَحِيح يُثَاب عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ لَا يُجْزِيه عَنْ حَجَّة الْإِسْلَام، بَلْ يَقَع تَطَوُّعًا، وَهَذَا الْحَدِيث صَرِيح فيه، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَة: لَا يَصِحّ حَجّه.
قَالَ أَصْحَابه: وَإِنَّمَا فَعَلُوهُ تَمْرِينًا لَهُ لِيَعْتَادَهُ فَيَقَع إِذَا بَلَغَ، وَهَذَا الْحَدِيث يَرُدّ عَلَيْهِمْ، قَالَ الْقَاضِي: لَا خِلَاف بَيْن الْعُلَمَاء فِي جَوَاز الْحَجّ بِالصِّبْيَانِ، وَإِنَّمَا مَنَعَهُ طَائِفَة مِنْ أَهْل الْبِدَع، وَلَا يَلْتَفِت إِلَى قَوْلهمْ، بَلْ هُوَ مَرْدُود بِفِعْلِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابه، وَإِجْمَاع الْأُمَّة، وَإِنَّمَا خِلَاف أَبِي حَنِيفَة فِي أَنَّهُ هَلْ يَنْعَقِد حَجّه وَتَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَام الْحَجّ، وَتَجِبْ فيه الْفِدْيَة وَدَم الْجُبْرَانِ وَسَائِر أَحْكَام الْبَالِغ؟ فَأَبُو حَنِيفَة يَمْنَع ذَلِكَ كُلّه وَيَقُول: إِنَّمَا يَجِب ذَلِكَ تَمْرِينًا عَلَى التَّعْلِيم، وَالْجُمْهُور يَقُولُونَ: تَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَام الْحَجّ فِي ذَلِكَ وَيَقُولُونَ: حَجّه مُنْعَقِد يَقَع نَفْلًا، لِأَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ لَهُ حَجًّا قَالَ الْقَاضِي: وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يُجْزِئهُ إِذَا بَلَغَ عَنْ فَرِيضَة الْإِسْلَام إِلَّا فِرْقَة شَذَّتْ فَقَالَتْ: يُجْزِئهُ، وَلَمْ تَلْتَفِت الْعُلَمَاء إِلَى قَوْلهَا.
✯✯✯✯✯✯
2378- قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَلَك أَجْر» مَعْنَاهُ بِسَبَبِ حَمْلهَا وَتَجْنِيبهَا إِيَّاهُ مَا يَجْتَنِبهُ الْمُحْرِم وَفِعْل مَا يَفْعَلهُ الْمُحْرِم.
وَاَللَّه أَعْلَم.
وَأَمَّا الْوَلِيّ الَّذِي يُحْرِم عَنْ الصَّبِيّ فَالصَّحِيح عِنْد أَصْحَابنَا أَنَّهُ الَّذِي يَلِي مَاله، وَهُوَ أَبُوهُ أَوْ جَدّه، أَوْ الْوَصِيّ أَوْ الْقَيِّم مِنْ جِهَة الْقَاضِي، أَوْ الْقَاضِي أَوْ الْإِمَام، وَأَمَّا الْأُمّ فَلَا يَصِحّ إِحْرَامهَا عَنْهُ إِلَّا أَنْ تَكُون وَصِيَّة أَوْ قَيِّمَة مِنْ جِهَة الْقَاضِي، وَقِيلَ: إِنَّهُ يَصِحّ إِحْرَامهَا وَإِحْرَام الْعَصَبَة وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ وِلَايَة الْمَال، هَذَا كُلّه إِذَا كَانَ صَغِيرًا لَا يُمَيِّز، فَإِنْ كَانَ مُمَيِّزًا أَذِنَ لَهُ الْوَلِيّ فَأَحْرَمَ، فَلَوْ أَحْرَمَ بِغَيْرِ إِذْن الْوَلِيّ أَوْ أَحْرَمَ الْوَلِيّ عَنْهُ لَمْ يَنْعَقِد عَلَى الْأَصَحّ، وَصِفَة إِحْرَام الْوَلِيّ عَنْ غَيْر الْمُمَيِّز أَنْ يَقُول بِقَلْبِهِ: جَعَلْتهُ مُحْرِمًا.
وَاَللَّه أَعْلَم.
باب صحة حج الصبي واجر من حج به
باب صحة حج الصبي واجر من حج به
باب صحة حج الصبي واجر من حج به