📁 آخر الأخبار

باب استحباب ادامة الحاج التلبية حتى يشرع في رمي جمرة العقبة يوم النحر

 

 باب استحباب ادامة الحاج التلبية حتى يشرع في رمي جمرة العقبة يوم النحر

 باب استحباب ادامة الحاج التلبية حتى يشرع في رمي جمرة العقبة يوم النحر


2245- قَوْله فِي حَدِيث أُسَامَة: «رَدِفْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عَرَفَات» هَذَا دَلِيل عَلَى اِسْتِحْبَاب الرُّكُوب فِي الدَّفْع مِنْ عَرَفَات، وَعَلَى جَوَاز الْإِرْدَاف عَلَى الدَّابَّة إِذَا كَانَتْ مُطِيقَة، وَعَلَى جَوَاز الِارْتِدَاف مَعَ أَهْل الْفَضْل، وَلَا يَكُون ذَلِكَ خِلَاف الْأَدَب.

قَوْله: «فَصَبَبْت عَلَيْهِ الْوَضُوء فَتَوَضَّأَ وُضُوءًا خَفِيفًا» فَقَوْله: «فَصَبَبْت عَلَيْهِ الْوَضُوء».

 الْوَضُوء هُنَا بِفَتْحِ الْوَاو، وَهُوَ الْمَاء الَّذِي يُتَوَضَّأ بِهِ، وَسَبَقَ فيه لُغَة أَنَّهُ يُقَال بِالضَّمِّ وَلَيْسَتْ بِشَيْءٍ.

 وَقَوْله: «فَتَوَضَّأَ وُضُوءًا خَفِيفًا» يَعْنِي تَوَضَّأَ وُضُوء الصَّلَاة وَخَفَّفَهُ بِأَنْ تَوَضَّأَ مَرَّة مَرَّة، أَوْ خَفَّفَ اِسْتِعْمَال الْمَاء بِالنِّسْبَةِ إِلَى غَالِب عَادَته صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْله فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى: «فَلَمْ يَسْبُغ الْوُضُوء» أَيْ لَمْ يَفْعَلهُ عَلَى الْعَادَة.

 وَفيه: دَلِيل عَلَى جَوَاز الِاسْتِعَانَة فِي الْوُضُوء، قَالَ أَصْحَابنَا: الِاسْتِعَانَة فيه ثَلَاثَة أَقْسَام:أَحَدهَا: أَنْ يَسْتَعِين فِي إِحْضَار الْمَاء مِنْ الْبِئْر وَالْبَيْت وَنَحْوهمَا، وَتَقْدِيمه إِلَيْهِ، وَهَذَا جَائِز، وَلَا يُقَال إِنَّهُ خِلَاف الْأَوْلَى.

وَالثَّانِي أَنْ يَسْتَعِين بِمَنْ يَغْسِل الْأَعْضَاء، فَهَذَا مَكْرُوه كَرَاهَة تَنْزِيه، إِلَّا أَنْ يَكُون مَعْذُورًا بِمَرَضٍ أَوْ غَيْره.

وَالثَّالِث أَنْ يَسْتَعِين بِمَنْ يَصُبّ عَلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ لِعُذْرٍ فَلَا بَأْس، وَإِلَّا فَهُوَ خِلَاف الْأَوْلَى، وَهَلْ يُسَمَّى مَكْرُوهًا؟ فيه وَجْهَانِ لِأَصْحَابِنَا: أَصَحّهمَا: لَيْسَ بِمَكْرُوهٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُت فيه نَهْي، وَأَمَّا اِسْتِعَانَة النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأُسَامَة وَالْمُغِيرَة بْن شُعْبَة فِي غَزْوَة تَبُوك وَبِالرُّبَيِّعِ بِنْت مُعَوِّذ فَلِبَيَانِ الْجَوَاز، وَيَكُون أَفْضَل فِي حَقّه حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُور بِالْبَيَانِ.

 وَاَللَّه أَعْلَم.

قَوْله: «قُلْت: الصَّلَاة يَا رَسُول اللَّه فَقَالَ: الصَّلَاة أَمَامك» مَعْنَاهُ: أَنَّ أُسَامَة ذَكَّرَهُ بِصَلَاةِ الْمَغْرِب، وَظَنَّ أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَسِيَهَا حَيْثُ أَخَّرَهَا عَنْ الْعَادَة الْمَعْرُوفَة فِي غَيْر هَذِهِ اللَّيْلَة، فَقَالَ لَهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الصَّلَاة أَمَامك، أَيْ إِنَّ الصَّلَاة فِي هَذِهِ اللَّيْلَة مَشْرُوعَة فِيمَا بَيْن يَدَيْك، أَيْ فِي الْمُزْدَلِفَة.

 فَفيه اِسْتِحْبَاب تَذْكِير التَّابِعِ الْمَتْبُوعَ بِمَا تَرَكَهُ خِلَاف الْعَادَة لِيَفْعَلهُ أَوْ يَعْتَذِر عَنْهُ أَوْ يُبَيِّن لَهُ وَجْه صَوَابه، وَأَنَّ مُخَالَفَته لِلْعَادَةِ سَبَبهَا كَذَا وَكَذَا.

وَأَمَّا قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الصَّلَاة أَمَامك» فَفيه أَنَّ السُّنَّة فِي هَذَا الْمَوْضِع فِي هَذِهِ اللَّيْلَة تَأْخِير الْمَغْرِب إِلَى الْعِشَاء وَالْجَمْع بَيْنهمَا فِي الْمُزْدَلِفَة، وَهُوَ كَذَلِكَ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَيْسَ هُوَ بِوَاجِبٍ بَلْ سُنَّة، فَلَوْ صَلَّاهُمَا فِي طَرِيقه أَوْ صَلَّى كُلّ وَاحِدَة فِي وَقْتهَا جَازَ، وَقَالَ بَعْض أَصْحَاب مَالِك: إِنْ صَلَّى الْمَغْرِب فِي وَقْتهَا لَزِمَهُ إِعَادَتهَا، وَهَذَا شَاذّ ضَعِيف.

✯✯✯✯✯✯

‏2246- قَوْله: «لَمْ يَزَلْ يُلَبِّي حَتَّى بَلَغَ الْجَمْرَة» دَلِيل عَلَى أَنَّهُ يَسْتَدِيم التَّلْبِيَة حَتَّى يَشْرَع فِي رَمْي جَمْرَة الْعَقَبَة غَدَاة يَوْم النَّحْر، وَهَذَا مَذْهَب الشَّافِعِيّ وَسُفْيَان الثَّوْرِيّ وَأَبِي حَنِيفَة وَأَبِي ثَوْر وَجَمَاهِير الْعُلَمَاء مِنْ الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَفُقَهَاء الْأَمْصَار وَمَنْ بَعْدهمْ، وَقَالَ الْحَسَن الْبَصْرِيّ: يُلَبِّي حَتَّى يُصَلِّي الصُّبْح يَوْم عَرَفَة، ثُمَّ يَقْطَع، وَحُكِيَ عَنْ عَلِيّ وَابْن عُمَر وَعَائِشَة وَمَالِك وَجُمْهُور فُقَهَاء الْمَدِينَة أَنَّهُ يُلَبِّي حَتَّى تَزُول الشَّمْس يَوْم عَرَفَة، وَلَا يُلَبِّي بَعْد الشُّرُوع فِي الْوُقُوف، وَقَالَ أَحْمَد وَإِسْحَاق وَبَعْض السَّلَف: يُلَبِّي حَتَّى يَفْرُغ مِنْ رَمْي جَمْرَة الْعَقَبَة، وَدَلِيل الشَّافِعِيّ وَالْجُمْهُور هَذَا الْحَدِيث الصَّحِيح مَعَ الْأَحَادِيث بَعْده، وَلَا حُجَّة لِلْآخَرِينَ فِي مُخَالَفَتهَا، فَيَتَعَيَّن اِتِّبَاع السُّنَّة.

✯✯✯✯✯✯

‏2247- وَأَمَّا قَوْله فِي هَذِهِ الرِوَايَة: «لَمْ يَزَلْ يُلَبِّي حَتَّى رَمَى جَمْرَة الْعَقَبَة» فَقَدْ يَحْتَجّ بِهِ أَحْمَد وَإِسْحَاق لِمَذْهَبِهِمَا، وَيُجِيب الْجُمْهُور عَنْهُ بِأَنَّ الْمُرَاد حَتَّى شَرَعَ فِي الرَّمْي؛ لِيُجْمَع بَيْن الرِّوَايَتَيْنِ.

✯✯✯✯✯✯

‏2248- قَوْله: (غَدَاة جَمْع) هِيَ بِفَتْحِ الْجِيم وَإِسْكَان الْمِيم وَهِيَ الْمُزْدَلِفَة، وَسَبَقَ بَيَانهَا.

قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ» هَذَا إِرْشَاد إِلَى الْأَدَب وَالسُّنَّة فِي السَّيْر تِلْكَ اللَّيْلَة، وَيَلْحَق بِهَا سَائِر مَوَاضِع الزِّحَام.

قَوْله: «وَهُوَ كَافّ نَاقَته» أَيْ يَمْنَعهَا الْإِسْرَاع.

قَوْله: «دَخَلَ مُحَسِّرًا وَهُوَ مِنْ مِنًى» إِلَخْ، أَمَّا مُحَسِّر فَسَبَقَ ضَبْطه وَبَيَانه فِي حَدِيث جَابِر فِي صِفَة حَجَّة النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَأَمَّا قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بِحَصَى الْخَذْف» قَالَ الْعُلَمَاء: هُوَ نَحْو حَبَّة الْبَاقِلَّا، قَالَ أَصْحَابنَا: وَلَوْ رَمَى بِأَكْبَر مِنْهَا أَوْ أَصْغَر جَازَ وَكَانَ مَكْرُوهًا.

وَأَمَّا قَوْله: «يُشِير بِيَدِهِ كَمَا يَخْذِف الْإِنْسَان» فَالْمُرَاد بِهِ الْإِيضَاح وَزِيَادَة الْبَيَان لِحَصَى الْخَذْف، وَلَيْسَ الْمُرَاد أَنَّ الرَّمْي يَكُون عَلَى هَيْئَة الْخَذْف، وَإِنْ كَانَ بَعْض أَصْحَابنَا قَدْ قَالَ بِاسْتِحْبَابِ ذَلِكَ، لَكِنَّهُ غَلَط، وَالصَّوَاب أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبّ كَوْن الرَّمْي عَلَى هَيْئَة الْخَذْف، فَقَدْ ثَبَتَ حَدِيث عَبْد اللَّه بْن الْمُغَفَّل عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّهْي عَنْ الْخَذْف، وَإِنَّمَا مَعْنَى هَذِهِ الْإِشَارَة مَا قَدَّمْنَاهُ.

 وَاَللَّه أَعْلَم.

✯✯✯✯✯✯

‏2249- قَوْله: «قَالَ عَبْد اللَّه: وَنَحْنُ بِجَمْعٍ سَمِعْت الَّذِي أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ سُورَة الْبَقَرَة يَقُول فِي هَذَا الْمَقَام: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ» فيه دَلِيل عَلَى اِسْتِحْبَاب إِدَامَة التَّلْبِيَة بَعْد الْوُقُوف بِعَرَفَاتٍ، وَهُوَ مَذْهَب الْجُمْهُور كَمَا سَبَقَ.

 وَفيه: دَلِيل عَلَى جَوَاز قَوْل: سُورَة الْبَقَرَة وَسُورَة النِّسَاء وَشِبْه ذَلِكَ، وَكَرِهَ ذَلِكَ بَعْض الْأَوَائِل، وَقَالَ: إِنَّمَا يُقَال: السُّورَة الَّتِي تُذْكَر فيها الْبَقَرَة وَالسُّورَة الَّتِي تُذْكَر فيها النِّسَاء وَشِبْه ذَلِكَ، وَالصَّوَاب جَوَاز قَوْل: سُورَة الْبَقَرَة وَسُورَة النِّسَاء وَسُورَة الْمَائِدَة وَغَيْرهَا، وَبِهَذَا قَالَ جَمَاهِير الْعُلَمَاء مِنْ الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ فَمَنْ بَعْدهمْ، وَتَظَاهَرَتْ بِهِ الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة مِنْ كَلَام النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالصَّحَابَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ كَحَدِيثِ: «مَنْ قَرَأَ الْآيَتَيْنِ مِنْ آخِر سُورَة الْبَقَرَة فِي لَيْلَة كَفَتَاهُ» وَاَللَّه أَعْلَم.

وَأَمَّا قَوْل عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود: «سَمِعْت الَّذِي أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ سُورَة الْبَقَرَة»، فَإِنَّمَا خَصَّ الْبَقَرَة لِأَنَّ مُعْظَم أَحْكَام الْمَنَاسِك فيها، فَكَأَنَّهُ قَالَ: هَذَا مَقَام مَنْ أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ الْمَنَاسِك وَأُخِذَ عَنْهُ الشَّرْع، وَبَيَّنَ الْأَحْكَام فَاعْتَمِدُوهُ، وَأَرَادَ بِذَلِكَ الرَّدّ عَلَى مَنْ يَقُول بِقَطْعِ التَّلْبِيَة مِنْ الْوُقُوف بِعَرَفَاتٍ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْله فِي الرِّوَايَة الثَّانِيَة: (أَنَّ عَبْد اللَّه لَبَّى حِين أَفَاضَ مِنْ جَمْع فَقِيلَ: أَعْرَابِيّ هَذَا؟) فَقَالَ اِبْن مَسْعُود مَا قَالَ إِنْكَارًا عَلَى الْمُعْتَرِض وَرَدًّا عَلَيْهِ.

 وَاَللَّه أَعْلَم.

 باب استحباب ادامة الحاج التلبية حتى يشرع في رمي جمرة العقبة يوم النحر

 باب استحباب ادامة الحاج التلبية حتى يشرع في رمي جمرة العقبة يوم النحر

 باب استحباب ادامة الحاج التلبية حتى يشرع في رمي جمرة العقبة يوم النحر



تعليقات