باب قطع السارق الشريف وغيره والنهي عن الشفاعة في الحدود
باب قطع السارق الشريف وغيره والنهي عن الشفاعة في الحدود
ذَكَرَ مُسْلِم رَضِيَ اللَّه عَنْهُ فِي الْبَاب الْأَحَادِيث فِي النَّهْي عَنْ الشَّفَاعَة فِي الْحُدُود، وَأَنَّ ذَلِكَ هُوَ سَبَب هَلَاك بَنِي إِسْرَائِيل، وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاء عَلَى تَحْرِيم الشَّفَاعَة فِي الْحَدّ بَعْد بُلُوغه إِلَى الْإِمَام، لِهَذِهِ الْأَحَادِيث، وَعَلَى أَنَّهُ يَحْرُم التَّشْفِيع فيه، فَأَمَّا قَبْل بُلُوغه إِلَى الْإِمَام فَقَدْ أَجَازَ الشَّفَاعَة فيه أَكْثَر الْعُلَمَاء إِذَا لَمْ يَكُنْ الْمَشْفُوع فيه صَاحِب شَرٍّ وَأَذًى لِلنَّاسِ، فَإِنْ كَانَ لَمْ يُشْفَع فيه.
✯✯✯✯✯✯
3196- قَوْلُهُ: «وَمَنْ يَجْتَرِئ عَلَيْهِ إِلَّا أُسَامَة حِبّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» هُوَ بِكَسْرِ الْحَاء أَيْ مَحْبُوبه، وَمَعْنَى يَجْتَرِئ يَتَجَاسَر عَلَيْهِ بِطَرِيقِ الْإِدْلَال، وَفِي هَذَا مَنْقَبَة ظَاهِرَة لِأُسَامَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُ.
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَأَيْم اللَّه لَوْ أَنَّ فَاطِمَة» فيه: دَلِيل لِجَوَازِ الْحَلِف مِنْ غَيْر اِسْتِحْلَاف، وَهُوَ مُسْتَحَبّ إِذَا كَانَ فيه تَفْخِيم لِأَمْرٍ مَطْلُوب كَمَا فِي الْحَدِيث، وَقَدْ كَثُرَتْ نَظَائِره فِي الْحَدِيث، وَسَبَقَ فِي كِتَاب الْأَيْمَان اِخْتِلَاف الْعُلَمَاء فِي الْحَلِف بِاسْمِ اللَّه.
✯✯✯✯✯✯
3197- قَوْله: «كَانَتْ اِمْرَأَة مَخْزُومِيَّة تَسْتَعِير الْمَتَاع وَتَجْحَدهُ فَأَمَرَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَطْعِ يَدهَا فَأَتَى أَهْلهَا أُسَامَة فَكَلَّمُوهُ» الْحَدِيث، قَالَ الْعُلَمَاء: الْمُرَاد أَنَّهَا قُطِعَتْ بِالسَّرِقَةِ، وَإِنَّمَا ذُكِرَتْ الْعَارِيَة تَعْرِيفًا لَهَا وَوَصْفًا لَهَا، لَا أَنَّهَا سَبَب الْقَطْع.
وَقَدْ ذَكَرَ مُسْلِم هَذَا الْحَدِيث فِي سَائِر الطُّرُق الْمُصَرِّحَة بِأَنَّهَا سَرَقَتْ وَقُطِعَتْ بِسَبَبِ السَّرِقَة، فَيَتَعَيَّن حَمْل هَذِهِ الرِّوَايَة عَلَى ذَلِكَ جَمْعًا بَيْن الرِّوَايَات، فَإِنَّهَا قَضِيَّة وَاحِدَة، مَعَ أَنَّ جَمَاعَة مِنْ الْأَئِمَّة قَالُوا: هَذِهِ الرِّوَايَة شَاذَّة: فَإِنَّهَا مُخَالِفَة لِجَمَاهِير الرُّوَاة، وَالشَّاذَّة لَا يُعْمَل بِهَا.
قَالَ الْعُلَمَاء: وَإِنَّمَا لَمْ يَذْكُر السَّرِقَة فِي هَذِهِ الرِّوَايَة؛ لِأَنَّ الْمَقْصُود مِنْهَا عِنْد الرَّاوِي ذِكْر مَنْع الشَّفَاعَة فِي الْحُدُود، لَا الْإِخْبَار عَنْ السَّرِقَة.
قَالَ جَمَاهِير الْعُلَمَاء وَفُقَهَاء الْأَمْصَار: لَا قَطْع عَلَى مَنْ جَحَدَ الْعَارِيَة، وَتَأَوَّلُوا هَذَا الْحَدِيث بِنَحْوِ مَا ذَكَرْته، وَقَالَ أَحْمَد وَإِسْحَاق: يَجِب الْقَطْع فِي ذَلِكَ.
باب قطع السارق الشريف وغيره والنهي عن الشفاعة في الحدود
۞۞۞۞۞۞۞۞
كتاب الحدود ﴿ 2 ﴾
۞۞۞۞۞۞۞۞