باب من ترك مالا فلورثته
باب من ترك مالا فلورثته
3040- قَوْله: «أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِي أَوَّل الْأَمْر لَا يُصَلِّي عَلَى مَيِّت عَلَيْهِ دَيْن لَا وَفَاء لَهُ» إِنَّمَا كَانَ يَتْرُك الصَّلَاة عَلَيْهِ لِيُحَرِّضَ النَّاس عَلَى قَضَاء الدَّيْن فِي حَيَاتهمْ، وَالتَّوَصُّل إِلَى الْبَرَاءَة مِنْهَا، لِئَلَّا تَفُوتهُمْ صَلَاة النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا فَتَحَ اللَّه عَلَيْهِ عَادَ يُصَلِّي عَلَيْهِمْ وَيَقْضِي دَيْن مَنْ لَمْ يُخَلِّف وَفَاء.
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صَلُّوا عَلَى صَاحِبكُمْ» فيه الْأَمْر بِصَلَاةِ الْجِنَازَة وَهِيَ فَرْض كِفَايَة.
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنَا أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسهمْ فَمَنْ تُوُفِّيَ وَعَلَيْهِ دَيْن فَعَلَيَّ قَضَاؤُهُ، وَمَنْ تَرَكَ مَالًا فَهُوَ لِوَرَثَتِهِ» قِيلَ: إِنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْضِيه مِنْ مَال مَصَالِح الْمُسْلِمِينَ، وَقِيلَ: مِنْ خَالِص مَال نَفْسه، وَقِيلَ: كَانَ هَذَا الْقَضَاء وَاجِبًا عَلَيْهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقِيلَ: تَبَرُّع مِنْهُ، وَالْخِلَاف وَجْهَانِ لِأَصْحَابِنَا وَغَيْرهمْ.
وَاخْتَلَفَ أَصْحَابنَا فِي قَضَاء دَيْن مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْن، فَقِيلَ: يَجِب قَضَاؤُهُ مِنْ بَيْت الْمَال، وَقِيلَ: لَا يَجِب.
وَمَعْنَى هَذَا الْحَدِيث: أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَنَا قَائِم بِمَصَالِحِكُمْ فِي حَيَاة أَحَدكُمْ وَمَوْته».
وَأَنَا وَلِيّه فِي الْحَالَيْنِ، فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْن قَضَيْته مِنْ عِنْدِي إِنْ لَمْ يُخَلِّف وَفَاء، وَإِنْ كَانَ لَهُ مَال فَهُوَ لِوَرَثَتِهِ لَا آخُذ مِنْهُ شَيْئًا، وَإِنْ خَلَّفَ عِيَالًا مُحْتَاجِينَ ضَائِعِينَ فَلْيَأْتُوا إِلَيَّ، فَعَلَيَّ نَفَقَتهمْ وَمُؤْنَتهمْ.
✯✯✯✯✯✯
3042- قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَأَيّكُمْ مَا تَرَكَ دَيْنًا أَوْ ضَيَاعًا فَأَنَا مَوْلَاهُ، وَأَيّكُمْ تَرَكَ مَالًا فَإِلَى الْعَصَبَة مَنْ كَانَ» وَفِي رِوَايَة: «دَيْنًا أَوْ ضَيْعَة» وَفِي رِوَايَة: «مَنْ تَرَكَ كَلًّا فَإِلَيْنَا» أَمَّا الضَّيَاع وَالضَّيْعَة فَبِفَتْحِ الضَّاد وَالْمُرَاد عِيَال مُحْتَاجُونَ ضَائِعُونَ، قَالَ الْخَطَّابِيُّ: الضَّيَاع وَالضَّيْعَة هُنَا وَصْف لِوَرَثَةِ الْمَيِّت بِالْمَصْدَرِ، أَيْ تَرَكَ أَوْلَادًا أَوْ عِيَالًا ذَوِي ضَيَاع، أَيْ لَا شَيْء لَهُمْ، وَالضَّيَاع فِي الْأَصْل مَصْدَر مَا ضَاعَ، ثُمَّ جُعِلَ اِسْمًا لِكُلِّ مَا يَعْرِض لِلضَّيَاعِ.
وَأَمَّا الْكَلّ فَبِفَتْحِ الْكَاف قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَغَيْره الْمُرَاد بِهِ هَا هُنَا الْعِيَال، وَأَصْله الثِّقَل.
وَمَعْنَى أَنَا مَوْلَاهُ أَيْ وَلِيُّهُ وَنَاصِرُهُ.
وَاللَّهُ أَعْلَم.
۞۞۞۞۞۞۞۞
كتاب الفرائض ﴿ 6 ﴾
۞۞۞۞۞۞
۞۞