باب فضل الجهاد والرباط
باب فضل الجهاد والرباط
3501- قَوْله: «أَيّ النَّاس أَفْضَل؟ فَقَالَ: رَجُل يُجَاهِد فِي سَبِيل اللَّه بِمَالِهِ وَنَفْسه» قَالَ الْقَاضِي: هَذَا عَامّ مَخْصُوص وَتَقْدِيره: هَذَا مِنْ أَفْضَل النَّاس.
وَإِلَّا فَالْعُلَمَاء أَفْضَل، وَكَذَا الصِّدِّيقُونَ كَمَا جَاءَتْ بِهِ الْأَحَادِيث.
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ثُمَّ مُؤْمِن فِي شُعَب مِنْ الشِّعَاب يَعْبُد رَبّه وَيَدَع النَّاس مِنْ شَرّه» فيه: دَلِيل لِمَنْ قَالَ بِتَفْضِيلِ الْعُزْلَة عَلَى الِاخْتِلَاط، وَفِي ذَلِكَ خِلَاف مَشْهُور، فَمَذْهَب الشَّافِعِيّ وَأَكْثَر الْعُلَمَاء أَنَّ الِاخْتِلَاط أَفْضَل بِشَرْطِ رَجَاء السَّلَامَة مِنْ الْفِتَن، وَمَذْهَب طَوَائِف: أَنَّ الِاعْتِزَال أَفْضَل، وَأَجَابَ الْجُمْهُور عَنْ هَذَا الْحَدِيث بِأَنَّهُ مَحْمُول عَلَى الِاعْتِزَال فِي زَمَن الْفِتَن وَالْحُرُوب، أَوْ هُوَ فِيمَنْ لَا يَسْلَم النَّاس مِنْهُ، وَلَا يَصْبِر عَلَيْهِمْ، أَوْ نَحْو ذَلِكَ مِنْ الْخُصُوص، وَقَدْ كَانَتْ الْأَنْبِيَاء صَلَوَات اللَّه وَسَلَامه عَلَيْهِمْ وَجَمَاهِير الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَالْعُلَمَاء وَالزُّهَّاد مُخْتَلِطِينَ، فَيُحَصِّلُونَ مَنَافِع الِاخْتِلَاط كَشُهُودِ الْجُمُعَة وَالْجَمَاعَة وَالْجَنَائِز وَعِيَادَة الْمَرْضَى وَحِلَق الذِّكْر وَغَيْر ذَلِكَ.
وَأَمَّا (الشِّعْب): فَهُوَ مَا اِنْفَرَاج بَيْن جَبَلَيْنِ، وَلَيْسَ الْمُرَاد نَفْس الشِّعْب خُصُوصًا؛ بَلْ الْمُرَاد الِانْفِرَاد وَالِاعْتِزَال، وَذَكَرَ الشِّعْب مِثَالًا لِأَنَّهُ خَالٍ عَنْ النَّاس غَالِبًا.
وَهَذَا الْحَدِيث نَحْو الْحَدِيث الْآخَر حِين سُئِلَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ النَّجَاة فَقَالَ: «أَمْسِكْ عَلَيْك لِسَانك وَلْيَسَعْك بَيْتك وَابْكِ عَلَى خَطِيئَتك».
✯✯✯✯✯✯
3503- قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مِنْ خَيْر مَعَاش النَّاس لَهُمْ رَجُل يُمْسِك عِنَان فَرَسه» (الْمَعَاش): هُوَ الْعَيْش، وَهُوَ الْحَيَاة، وَتَقْدِيره وَاللَّهُ أَعْلَم: مِنْ خَيْر أَحْوَال عَيْشهمْ رَجُل مُمْسِك.
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَطِير عَلَى مَتْنه كُلَّمَا سَمِعَ هَيْعَة أَوْ فَزْعَة طَارَ عَلَى مَتْنه يَبْتَغِي الْقَتْل وَالْمَوْت مَظَانّه» مَعْنَاهُ: يُسَارِع عَلَى ظَهْره، وَهُوَ: مَتْنه، كُلَّمَا سَمِعَ هَيْعَة، وَهِيَ: الصَّوْت عِنْد حُضُور الْعَدُوّ، وَهِيَ بِفَتْحِ الْهَاء وَإِسْكَان الْيَاء.
و(الْفَزْعَة) بِإِسْكَانِ الزَّاي وَهِيَ: النُّهُوض إِلَى الْعَدُوّ.
وَمَعْنَى (يَبْتَغِي الْقَتْل مَظَانّه): يَطْلُبهُ فِي مَوَاطِنه الَّتِي يُرْجَى فيها لِشِدَّةِ رَغْبَته فِي الشَّهَادَة.
وَفِي الْحَدِيث: فَضِيلَة الْجِهَاد وَالْحِرْص عَلَى الشَّهَادَة.
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَوْ رَجُل فِي غُنَيْمَة فِي رَأْس شَعَفَة» (الْغُنَيْمَة) بِضَمِّ الْغَيْن تَصْغِير الْغَنَم، أَيْ: قِطْعَة مِنْهَا، و(الشَّعَفَة) بِفَتْحِ الشِّين وَالْعَيْن: أَعْلَى الْجَبَل.
باب فضل الجهاد والرباط
۞۞۞۞۞۞۞۞
كتاب الإمارة ﴿ 31 ﴾
۞۞۞۞۞۞
۞۞