أقسام المجاز اللّغوي
أوّلاً-الاستعارة:
الاستعارة- لغةً- مصدر استعار،بمعنى أخذ ما ليس له على وجهٍ مؤقت،ومأخوذة من العارية،أي نقل الشيء من شخص إلى آخر،حتى تصبح تلك العارية من خصائص المعار إليه.
والاستعارة- اصطلاحاً - هي استعمال اللفظ في غير ما وضع له،لعلاقة المشابهةبين المعنى الأصلي والفرعي،مع قرينة مانعة من إرادة المعنى الحقيقي،وبعبارة أخرى هي مجاز،علاقته المشابهة.
والاستعارة صورة فنيّة،تقوم على أساس التشبيه،إلّا أنَّها أكثر خيالاً منه وأجمل صورةً وسرُّ تأثيرها يكمن في تأليف الألفاظ،وابتكار المشبّه به مما لا يخطر في ذهن الإنسان العاديّ،بل يجيده الإنسان الأديب الموهوب،الذي يملك استعداداً سليماً على ربط المعاني،وتوليد بعضها من بعض ،بحيث يجعل القارئ ينسى التشبيه،ويحمله على تخيّل صورة مبتكرة بديعة،تنسيه روعتهاما تضمّنه الكلام من تشبيه خفيّ مستور؛مستنداً في ذلك إلى لفظ يؤدي مجازاً لا حقيقةً،وجمال الاستعارة آتٍ من أنّها تحمل إحساساً أقوى من التشبيه،وخيالاً أعمق وأكثر تأثيراً في النفوس .بعبارات أوجز؛تعبّر عن المعنى الكثير باللفظ القليل.
ففي قولك:إبراهيم كالأسد في الشجاعة تشبيه مرسل مفصّل.
وقولك:إبراهيم كالأسد.تشبيه مرسل مجمل.
وقولك: إبراهيم أسد.تشبيه بليغ.
امّا قولك:رأيتُ أسداً يرمي النبال.فلم يبق من التشبيه إلّاطرفٌ واحدٌ،وهذه هي(الاستعارة)؛لأنَّ في الاستعارة يحذف أحد طرفي التشبيه(المشبّه)،أو (المشبّه به)،فالاستعارة ضرب من التشبيه حذف منه ثلاثة من أركانه،وبقي على ركن واحد وهو المشبّه أو المشبّه به،مع قرينة تمنع إرادة المعنى الأصلي.
ومن أمثلته:((رأيت جبالاً تمخر عباب البحر)).
نجد أنَّهُ شبه السفن بالجبال،فأصل الكلام؛رأيت سفناً كالجبال ،تمخر عباب البحر.ثمَّ حذف (المشبّه) وهو(السفن)، وأراد (بالجبال ) هنا معناها المجازيّ، وهو السفن لا الجبال الحقيقية،وهناك قرينة دالة على هذا المعنى المجازيّ وهي (تمخر عباب البحر)،لأنّ الجبال الحقيقية لا تمخر عباب البحر،وشبّه السفن بالجبال؛لاشتراكهما في صفة الضخامة والعلو،فإذن هناك علاقة بينهما،وهي علاقة المشابهة،وقد استعير المجاز المشبّه به (الجبال) للمشبّه (السفن) .
وكلّ مجاز أو مستعار علاقته المشابهة، يسمى(الاستعارة)،وهذا التشببه حذف أداته،ووجهه،وأحد طرفيه أي (المشبّه) ،ولم يذكر فيه إلّا المشبّه به، وكلّ تشبيه حذف وجهه وأداته وأحد طرفيه
يسمى (استعارة).