الإعلال بالحذف
سبق أن تحدثنا عن الإعلال، وأنواعه، والغرض منه، وقلنا : إن الإعلال هو تغيير يطرأ على أحرف العلة وأنواعه ثلاثة: إعلال بالقلب ، وإعلال بالنقل ،وإعلال بالحذف ، وذكرنا أن الغرض منه : التخفيف ورفع الثقل ، ولذا كان الإعلال أصلا في الفعل؛لأن الأفعال ثقيلة بطبعها لأنها تدل على الزمن والحدث معا ويزداد ثقلها باحتياجها إلى فاعل، ومفعول، وتمييز ........الخ.
فكان الإعلال أصلا في الأفعال وإنما تعل الأسماء حملا على الأفعال، وسبق أن تحدثنا عن النوعين الأولين، أما النوع الثالث وهو الإعلال بالحذف فهو موضوع حديثنا .
✳ الإعلال بالحذف هو: حذف حرف العلة للتخفيف ولا يكون إلا لسبب موجب على سبيل الاطراد ،وذلك كحذف الواو من "صف"، و"قل" ، والياء من"غاز" و"داع" ، ولا فرق في المحذوف بين أن يكون الحرف أصليا كما ذكرنا أو حرفا زائدا كحذف الهمزة من الفعل"أكرم" من مضارعه، وكحذف ألف الإفعال، والاستفعال، وواو مفعول، والخلاف في ذلك كما سيأتي .
✳ فإذا حذف حرف العلة للإعراب أو البناء ،نحو: اسع-بفتح العين-،واغز-بضم الزاي-، وارم-بكسر الميم-، ولم يسع ،ولم يغز، ولم يرم، فقد حذفت اللام في هذه الأمثلة للبناء على حذف حرف العلة في الأمر، وحذفت في المضارع لأجل الجزم.
✳وقد يحذف الحرف لغير علة تصريفية، كحذف اللام من " أب، وأخ، وابن، واسم، أو حذف العين من "مذ" ، فاللام المحذوفة واو ، و" مذ" أصلها " منذ" حذفت منها العين لكثرة الاستعمال ، أو يكون المحذوف حرفا صحيحا كحذف اللام *حر" وأصلها" حرح" فهذا الحذف لا يعد من النوع الإعلالي .
اقسام الحذف
ينقسم الحذف إلى قسمين :قياسي وشاذ.
القسم الاول ::الإعلال بالحذف يكون قياسا مطردا في الصحيح والمعتل ، والزائد ،والأصلي، في فاء الكلمة وعينها ولامها.
حذف الحرف الزائد
وهذا الحذف خاص بهمزة"أفعل" أو إحدى التائين في أول المضارع، والغرض من هذا الحذف هو: الثقل الناشئ من الهمزة أو إحدى التائين الزائدتين في المضارع ، وهذا الحذف تارة يكون واجبا ، وتارة يكون جائزا.
والحذف وجوبا يكون في المضارع من صيغة " أفعل"واسمي فاعله ومفعوله، وهذا هو المراد بقول ابن مالك:
وحذف همزة " أفعل" استمر
في مضارع ،وبنيتي متصف
ويجب الحذف في هذا الموضع وفقا للثقل الناشئ من وجود الهمزة الزائدة في مضارع "أفعل"، أي أن هذا لا يوجد إلا في الفعل المضارع المبدوء بهمزة المتكلم نحو: أُكرم، وأُحسن، والأصل فيهما: "أُؤكرم، وأُؤحسن"، فكرهوا اجتماع همزتين في أول المضارع فحذفوا الهمزة الثانية لأمرين:
أولاهما: أن الثقل في الكلمتين نشأ عنها.
ثانيهما : دلالة الهمزة الأولى على المضارعة فلا داعي للثانية.
وكذلك يجب الحذف في صور المضارع الأخرى لهذين الفعلين(أي غير المبدوء بالهمزة) حملا على المضارع المبدوء بالهمزة، فتقول في المضارع المبدوء بالنون : نُكرم ، ونُحسن ، والأصل نُؤكرم ، ونُؤحسن، والمبدوء بالياء: يُكرم، ويُحسن
والأصل : يُؤكرم، ويُؤحسن، والمبدوء بالتاء: تُكرم، وتُحسن، والأصل : تُؤكرم، وتُؤحسن، فحذفت الهمزة وجوبا في كل ما سبق حملا علي حذفها في المضارع المبدوء بالهمزة .
أيضا تحذف الهمزة وجوبا في اسمي الفاعل والمفعول حملا على حذفها في المضارع فاسم الفاعل من "أُكرم" مُكۡرِم، وأصله "مُؤكۡرِمٍ"، واسم المفعول منه: مُكۡرَم وأصله "مُؤكۡرَم" حذفت الهمزة وجوبا حملا على المضارع .
ومثل هذا همزة الأفعال الماضية الرباعية: نحو: أَخبر، أَفهم، أَعلم .....،
حيث يجب حذف الهمزة من مضارعها، واسم فاعلها، واسم مفعولها.
ولا يجوز إثبات هذه الهمزة على الأصل إلا في ضرورة ، أو كلمة مستندرة، فمن الضرورة قول الشاعر: فإنه أهل لأن يُؤكرَما
فأثبت الهمزة في "يُؤكرَم" على الأصل للضرورة، وهذا شاذ، والقياس حذفها. والكلمة المستندرة، مثل قولهم: أرض مُؤرۡنِبَة "-بكسر النون-أي : كثيرة الأرانب، وقولهم كساء مُؤرۡنَبَ، إذا خلط صوفه بوبر الأرانب فعلى القول بزيادة الهمزة في الكلمتين ، وهو الأرجح كان إثبات الهمزة فيهما نادرا، أما على القول بأن الهمزة أصلية في الكلمتين فلا ندور فيهما .
ولو أبدلت همزة "أفعل"هاء كقولهم في "أراق الماء" هراق الماء، أو إبدالها عينا كقولهم في " أنهل الإبل": عنهل الإبل، لم تحذف لزوال مقتضى الحذف، فتقول في مضارع: هراق، وعنهل: يهريق، ويُعنهِل، واسم الفاعل منهما: مُهريق، ومُعنهِل، واسم المفعول منهما :مُهراق، ومُعنهَل .
تدريب على الاعلال بالحف
١ : لماذا حذفت الهمزة في "تُكرم، وتُحسن" ، ولم تحذف في " يهريق، ويُعنهِل"؟
٢ : ما هي شروط وجوب حذف الهمزة من "أُفعل" وما يؤخذ منها كاسم الفاعل واسم المفعول؟