تأكيد المدح بما يشبه الذم
أول من فطن إلى هذا النوع من البديع المعنوي هو : عبد الله بن المعتز،فقد عده في كتابه (البديع) من محاسن الكلام،وسماه (تأكيد مدح بما يشبه الذم، ومن البلاغيين من يسمي هذا النوع من البديع(الاستثناء) ناظرين إلى أن حسنه المعنوي ناشئ من أثر أداة الاستثناء التي يبنى عليها
وتأكيد المدح بما يشبه الذم ضربان
أولهما: أن يستثنى من صفة ذم منفية عن الشيء صفة مدح بتقدير دخولها في صفة الذم.
كقول النابغة الذبياني:
ولاعيب فيهم غير أن سيوفهم**بهن فلول من قراع الكتائب
(فلول:جمع فل وهو(الثلم)يصيب السيف في حده،قراع الكتائب:مضاربة الجيوش ومقاتلتها عند اللقاء )
فالنابغة نفى هنا أولا عن ممدوحيه صفة العيب ثم عاد فأثبت لهم بالاستثناء عيبا هو أن سيوفهم بهن فلول من قراع الكتائب،وهذه ليست في الواقع صفة ذم،وإنما هى صفة مدح أثبتها الشاعر لممدوحيه،وأكدها بما يشبه الذم
وهذا ما فاجأ به السامع الذي توهم بمجردالتلفظ بأداة استثناء أن ما يأتي بعدها لابد أن يكون صفة ذم ،فإذا ولى أداة الاستثناء صفة مدح تبدد توهم السامع بهذه المفاجأة التي لم يكن يتوقعها.
2-والضرب الثاني: من تأكيد المدح بما يشبه الذم: يتمثل في إثبات صفة مدح لشيئ تعقبها أداة استثناء يكون المستثنى بها صفة مدح أخرى له.
مثل:قول النابغة الجعدي:
فتى كملت أخلاقه غير أنه **جواد فما يبقي من المال باقيا
فتى كان فيه مايسر صديقه ** على أن فيه مايسئ الأعاديا
فقد وصف الفتى في البيت الأول بحسن أخلاقه وتوهم السامع أنه سيأتي بصفة ذم بعد الاستثناء وإذا بها صفة مدح(جواد....كما أن فيه ما يسيئ الأعادي)