شروط العطف بحرف العطف لكن
حرف العطف لكنْ
الحرف التاسع من حروف العطف التي ذكرها ابن آجروم رحمه الله في آجروميته هو الحرف (لكنْ) بسكون النون
ذكر النحاة أن معنى (لكن) العاطفة الاستدراكُ
فهي تدل على تقرير الكلام السابق عليها (المعطوف عليه) على ما هو عليه من نفي أو نهي، وإثبات ضده ونقيضه لما بعدها الذي هو المعطوف
تقول على سبيل المثال: لا تضرب زيدًا لكن عمرًا؛ أي: لكن اضرب عمرًا، فـ(لكن) في هذا المثال
قد قرَّرت حكم ما قبلها، وهو النهي عن ضرب (زيد)، وأثبتت نقيضه وضده لما بعدها، وهو الأمر بضرب عمر
وتقول أيضًا: ما قام زيد لكن عمرو، فيدل الحرف (لكن) في هذا المثال على أن القائم هو (عمرو) (المعطوف)، دون (زيد) (المعطوف عليه)..
و الشروط التي اشترطها النحاة في (لكن) حتى تكون حرف عطف
🌹نصَّ النحاة على أن (لكن) لا تكون حرف عطف إلا بشروط ثلاثة؛ هي:🌹
الشرط الأول: إفراد معطوفها؛ يعني: أن يكون ما بعدها اسمًا مفردًا، لا جملةً ؛ نحو:
لا أحب الكسالى لكن المجتهدين - لا تكرم العاصين لكن الطائعين
ففي هذين المثالين كانت (لكن) حرف عطف؛ لأنها تلاها اسم مفرد،
هو (المجتهدين) في المثال الأول، و(الطائعين) في المثال الثاني؛ ولذلك أتت كلمة (المجتهدين) منصوبةً؛ عطفًا بـ(لكن) على كلمة (الكسالى) المنصوبة قبلها، وأتت كلمة (الطائعين) كذلك منصوبةً؛ عطفًا بـ(لكن) على كلمة (العاصين) المنصوبة قبلها.
والشرط الثاني: أن يتقدمها نفي أو نهي
ومن أمثلة العطف بـ(لكن)، مع تقدم النفي: ما نجح الكسلانُ لكن المجدُّ
لا تصحب الخائن لكن الأمينَ
لا تنصر ظالِما لكن مظلومًا.
ويقال في إعراب هذا المثال:
ما: نافية، نجح: فعل ماضٍ مبني على الفتح؛ لعدم اتصاله بضمير رفع متحرك، ولا واو جماعة
الكسلان: فاعل مرفوع، وعلامة رفعه الضمة الظاهرة
لكن: حرف عطف واستدراك، مبني على السكون، لا محل له من الإعراب
المجد: معطوف على (الكسلان) المرفوع قبله، والمعطوف على المرفوع مرفوع
فإن وقعت (لكن) بعد إثبات، لم تكن عاطفة؛ وإنما تكون حرف ابتداء
فإن قلت على سبيل المثال:
قام زيد، ثم جئت بـ(لكن) جعلتها حرف ابتداء وجئت بعدها بالجملة، فقلت: (لكنْ عمرو لم يقم)؛ وذلك لأن الذي تقدَّم عليها كان مثبتًا، لا منفيًّا.
وأجاز الكوفيون (لكن عمرو) على العطف، على الرغم من أنه تقدم عليها إثبات، لا نفي، ولا نهي، وليس بمسموع.
والشرط الثالث: ألا تُسبق بالواو؛ قاله الفارسي وأكثر النحويين
والخلاصة: أن (لكن) لا تكون حرف عطف إلا إذا توفَّر فيها هذه الشروط الثلاثة المذكورة آنفًا مجتمعةً، فإن اختلَّ شرطٌ منها؛ بأن وقعت بعد إيجاب، أو تلت واوًا، أو تلتها جملة، فهي حينئذٍ حرف ابتداء، جِيءَ به لمجرد إفادة الاستدراك، لا حرف عطف، ووجب دخولها على الجمل:
ففي قول الشاعر:
إن ابن ورقاء لا تُخشى بوادرُه *** لكن وقائعُه في الحرب تُنتظرُ
هي هنا حرف ابتداء، والسبب وقوع الجملة بعدها.
وفي قول الله تعالى: ﴿ مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ ﴾ [الأحزاب: 40]، ليست (لكن) فيه عاطفةً، بل هي حرف ابتداء؛ وذلك لكونها مسبوقةً بالواو، فانتقض شرط من شروطها.
وكذا في نحو: قام زيد، لكنْ عمرو لم يقم، هي حرف ابتداء، وليست حرف عطف، وقد انتقض هنا شرطان:
الأول: أنها لم تسبق بنفي ولا نهي.
والثاني: أنها دخلت على جملة، لا على اسم مفرد.
تحياتى